وخاض الكرد الانتفاضة تلو الانتفاضة ضد الوجود الفرنسي في سوريا. ففي عام 1919 نال الشعب الكوردي شرف نيل إطلاق أول رصاصة في مرحلة مقاومة الاحتلال الفرنسي في المعركة التي جرت في منطقة سهل العمق, حيث كان الكوردي (محمد أيبوش اشو) وهو من مواليد كرداغ, أول رصاصة في مسلسل الثورات السورية. وانتفاضة (إبراهيم هنانو) 1920 في شمال سوريا في منطقة ادلب وأريحا, ورفض أقامة دولة كردية في شمال شرق سوريا، مقابل تخليه عن محاربة الفرنسيين في سوريا. ثم انتفاضة بياندور عام 1923 ضد الحامية الفرنسية في الجزيرة, وانتفاضات تلكلخ وحماة والغوطة بدمشق, وطوشة عامودا عام 1927 وما نتج عنها من قصف عامودا بالطائرات والمدرعات متزامناً مع تحويل منطقة الجزيرة إلى مسرح للفوضى وإخضاعها عنوة للسيطرة الفرنسية. لقد أثبت الكرد حينها أنهم حصروا أولوياتهم بالتحرر من الاستعمار والتركيز على الهوية الجمعية بدلاً من هوية الفرد, دون أي رغبة بالتدليل على الهوية الكردية أن ذاك.
وفي عام 1928 قدم مجموعة من الأدباء والمثقفين الكورد البارزين إلى اجتماع الجمعية التأسيسية السورية في 23 حزيران 1928 بمجموعة من المطاليب كان من أبرزها:
1 استعمال اللغة الكردية كلغة رسمية مع اللغات الأخرى في المدارس والدوائر
2 تعيين عناصر كردية ضمن القوة العسكرية الوطنية
3 توظيف الأكراد في المناطق الكردية
وفي عام 1930 قُدمت عريضة موقعة من (19) وجيهاً كردياً للانتداب الفرنسي وهي مسجلة في ديوان المفوض السامي الفرنسي في 15/4/1930 تحت رقم /650/ طالبوا فيه معاملة الشعب الكوردي معاملة مماثلة لبقية مكونات الشعب السوري الخاضع للانتداب.
ومع كل هذه الحقائق والوقائع، واستمرار الفكر العربي، والقلم العربي وحتى الإعلام العربي على الإصرار على التغاضي عن الحقائق والعمل على تشويه التاريخ، وأمام صمت المواقع الالكترونية العربية، وقنوات المعارضة السورية وإعلامهم، وصفحات الفيس بوك التابعة للمعارضة العربية، والنشطاء الذين لابد لهم من تبني الفكر الثوري في القاع، وليس من فوق فقط، ولابد لهم من ثورة على العقائد والقيم والأفكار والمورثات والقناعات القديمة والبالية، ليس فقط ثورة في الجانب السياسي, أمام كل هذا الإجحاف المتعمد من قبل القائمين على مسلسل (باب الحارة)، وعدم اكتراث جميع صفوف المعارضة السورية، ألا يحق للكوردي التساؤل: غداً ماذا سيكون مصيرنا في سوريا الجديدة، وماذا سيُكتب عنا في سوريا الجديدة, وعن أي تاريخ ستتحدث كتب التاريخ المدرسي في سوريا، ونحن لم نقصر بشيء، كما لم نقصر بالأمس ضد الانتداب الفرنسي.
ويتساءل أحدهم: كيف سنقنع أطفالنا بما كُنا نُحدثهم عن بطولات الكرد في التاريخ السوري الحديث ضد الاحتلال؟ بل كيف لنا أن نستمر بالطلب من الشباب الاستمرار في البقاء هُنا والدفاع عن سوريا. يقيناً أن صبغ حالة التبيعة للانتداب الفرنسي على الكرد عبر شخصية المُجند رستم (رستم اسم كردي) للدلالة على وقوف الكرد مع الفرنسين ضد الشعب السوري, هي لعبة قذرة انتهجها البعض للإيقاع بين الشعبين الكردي والعربي, وخاصة بين فئة الشباب غير المُطلع على التاريخ السوري بالشكل المطلوب.
كان يجدر بالمخرج وكاتب السيناريو الإطلاع على الحقائق وإبرازها, بدلاً من طمسها وتغييرها, وتشويه تاريخ شعب كامل. دون أن ننسى أنهم استبدلوا علم الثورة بعلم الانتداب الفرنسي.... فهل هناك من تشويه أكثر من ذلك؟!
التعليقات (30)