من دون مزيد من التفاصيل، تم دمج الاجتماعين اللذين عُقدا في المملكة العربية السعودية بشأن حرب غزة في قمة خاصة، وكان من المقرر أصلاً عقد اجتماع طارئ للدول الأعضاء الـ 22 في جامعة الدول العربية في الرياض يوم السبت واجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي يوم الأحد. وبعد التشاور بين المملكة العربية السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي، تقرّر عقد قمة مشتركة خاصة بدلاً من ذلك، وتضم منظمة التعاون الإسلامي 57 دولة إسلامية
وفي ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة، دعت الدول العربية والإسلامية الأخرى إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، وجاء في الإعلان الختامي للقمة الاستثنائية التي عُقدت في العاصمة السعودية الرياض، بحضور ممثلين رفيعي المستوى، أن مثل هذا المؤتمر يجب أن يُعقد في أسرع وقت ممكن من أجل إطلاق عملية السلام “على أساس القانون الدولي والقرارات الدولية”، ودعت الدول إلى الوقف الفوري لـ ”العدوان الإسرائيلي”.
لقد تمت إدانة "المعايير المزدوجة في تطبيق القانون الدولي"، وفي الوقت نفسه أكد البيان على ضرورة إطلاق سراح “جميع السجناء والمعتقلين والمدنيين” دون تحديد الأشخاص المقصودين على وجه التحديد.
وأضاف البيان أن “السلام العادل والدائم والشامل” هو السبيل الوحيد لضمان الاستقرار والأمن للمنطقة بأكملها، ولا يمكن تحقيق السلام الإقليمي إلا إذا أُخذت "المسألة الفلسطينية" في الاعتبار وضرورة تنفيذ حل الدولتين.
وبدأ المشاركون متّحدين مع العالم الخارجي، لكن يقال إنه كانت هناك خلافات مسبقاً، أيضاً قيل إن بعض الدول رفضت اقتراحاً من دول أخرى بقطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، كما رفض بعضها اقتراحاً بذكر حق الدول العربية في "المقاومة" في النص، وخاصة أن بعض الدول قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل قبل سنوات قليلة.
وكان من بين المشاركين البارزين في الرياض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، اللذان يحاولان التوسط بين إسرائيل وبين حماس التي تحكم قطاع غزة.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من بين الضيوف المدعوّين، وهي زيارته الأولى للمملكة منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية، ودعا رئيسي الدول الإسلامية إلى قطع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، بينما دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى عقد مؤتمر دولي للسلام للتوصل إلى حل دائم للصراع،
ومع ذلك بقيت أجواء القمة كما اعتدنا دائماً بسيطرة الشعارات والمزايدات دون قرارات ملزمة أو خطوات عملية، مثل الطريق إلى وقف إطلاق النار أو الوصول الآمن لتسليم المساعدات، وانتهت إلى مقترحات عامة وتركيز على الجانب الإنساني
أما بشار الأسد، الذي انضم نظامُه مؤخراً إلى الجامعة، والذي وصف الهجمات الإسرائيلية بأنها "وحشية ومذابح "، هو نفسه الذي هاجمت ميليشياته بوحشية، وارتكبت مجاز في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق خلال الثورة السورية، لقد كان ذلك ثاني ظهور له في اجتماع دولي بعد قمة الجامعة العربية في مارس/آذار الماضي، وبعد حوالي عقد من العزلة لم يشارك الأسد خلالها في أي لقاء دولي بعد أن تم طرد سوريا من الجامعة العربية.
بعد حملة القمع العنيفة والوحشية، التي شنتها حكومة بشار الأسد على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية بداية عام 2011، والتي أدت إلى حرب طاحنه بين نظام أسد ومعارضيه، وتطوّر الأمر إلى حرب أهلية بمشاركة دولية استمرت حتى يومنا هذا وأسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 500 ألف مدني واعتقال مليون شخص وتهجير ونزوح 15 مليون شخص في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 22 مليون نسمة، الآن بعد أكثر من عقد من استبعاد سوريا، لم يعد الأسد شخصاً غير مرغوب فيه في الجامعة العربية، وسُمح لسوريا بالانضمام مرة أخرى لها، مع الاستمرار بالبحث عن حل للصراع في سوريا من خلال الحوار بين الحكومات العربية، ومراقبة هذا التطور من قبل لجان تتألف من المملكة العربية السعودية ولبنان والأردن والعراق.
وفي الوقت الذي كان فيه المراقبون ينتظرون خطوات عملية لصالح السوريين وللضغط على نظام الأسد، لم تخرج اللجان من دائرة الصوت والكلمات والجمل الفضفاضة والأفكار القديمة نفسها.
لا يوجد إنسان طبيعي في العالم، لا يكره الظلم والاضطهاد والتهجير من بيئته وبيته، وأن يُمارس عليه الفصل الطائفي وأن يُهان ويُنزع من إنسانيته عند الحواجز، وأن يُحرم من العودة لوطنه الأم، وأن تُسرق مصادر رزقه، وأن يسكن في مخيمات اللجوء لا تتوفر فيها أقل الشروط الإنسانية، وهو يرى النظام ومرتزقته الدخلاء يرتعون ويتسكّعون على أطلال بلاده في حماة وحمص ودمشق ودرعا وحلب وإدلب والدير والرقة وغيرها، من لا يحقد على هذا النظام، إما إنسان مختل عقلياً أو شخص تجرّد من إنسانيته أو ثالث تشبّع بمناهج هذا النظام الوحشي.
السوريون طلبوا المساعدة من جميع الدول الإقليمية والدولية، وهذا كان بداية الخطأ الذي توسّع وتغوّل لدرجة الارتهان الكامل لأجندات هذه الدول وتحوّلهم إلى مرتزقة لديها, وأفقدهم ما تمنّوه من الله أن يوفقهم في تحقيقه، أفقدهم أن يتحرّروا من الظلم والقهر الذي يعانونه من هذا النظام الفاشل الذي يحكمهم.
ولكان الحال قد تغير لو توفّر للثورة السورية قيادة سياسية ونخبه وطنية تقود السوريين، للتحرر وتدفعهم للوقوف معاً كتفاً بكتف لمواجهة كل أعداء الثورة، بداية من نظام أسد وحتى آخر معارض مرتزق ادّعى النضال.
ولأن من أنشأ بعض الأنظمة العربية هو نفسه الذي أنشأ إسرائيل، التي بات وجودها مرتبطاً بوجود هذه الأنظمة، والتي هي سبب بداية مأساة الفلسطينيين والسوريين و المصريين و اليمنيين واللبنانيين، هي فعلياً من حرّضت شعوبها ضد إسرائيل، هذه الأنظمة روّضت جماهيرها ودجّنتها وألغت الحياة السياسية منذ الخمسينيات وزجّت في السجون معارضيها وأفقرت وطاردت كل شريف ...ولقّنت جماهيرها درساً في النذالة والخضوع "أن تسكت عن الخطأ وأن تتستّر على العيوب و النواقص"، وتختفي في المواقف التي تتطلب الشهامة والعز لتتحوّل على رأي المثل الشعبي المصري (عش نملة لتأكل سُكّرا”.. ولا حصاناً لتأكلَ تبناً)، بالنتيجة أصبحت الجماهير نملاً، ولكن دون أن تأكل السكر، كان الفلسطينيون قبل النكبة يستغيثون بالشعوب العربية لإنقاذهم قبل أن يكتشفوا أن بقية إخوتهم العرب في سجن كبير، فيه ظلم أشد من ظلمهم بكثير.
التعليقات (6)