كشف تقريران سريان للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن لدى إيران مخزوناً كافياً من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60 بالمئة، ما يمكنها من صنع 3 قنابل نووية، وذلك بالتزامن مع إعفاءات أمريكية خاصة بالعقوبات على طهران.
ونقلت وكالة رويترز عن تقريرين سرّيين للوكالة الدولية، اليوم الخميس، أن نسبة نقاء اليورانيوم المخصب التي تمتلكها طهران، قريبة من درجة النقاء اللازمة لصنع أسلحة نووية وفق تعريف الوكالة التابعة للأمم المتحدة.
وبيّن التقريران أن إيران تتقدم في التخصيب إلى مستويات عالية للغاية مع تقاعسها عن التعاون مع وكالة الطاقة الذرية فيما يتعلق بقائمة متزايدة من القضايا تمثل تحدياً لكل من الوكالة والقوى الغربية التي دعت طهران مراراً إلى العدول عن مسارها هذا.
صنع قنابل نووية
وجاء في أحد التقريرين المقدمين إلى الدول الأعضاء واطلعت عليهما رويترز أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى 60 بالمئة زاد 6.7 كيلوجرام إلى 128.3 كيلوجرام منذ التقرير الأخير في الرابع من سبتمبر/أيلول.
ويزيد هذا عن ثلاثة أمثال الكمية البالغة 42 كيلوجراماً التي تعتبر حسب تعريف وكالة الطاقة الذرية كافية نظرياً لصنع قنبلة نووية إذا خُصبت بدرجة أكبر، إذ تبلغ درجة نقاء الأسلحة النووية نحو 90 بالمئة.
وقال دبلوماسي كبير "هذه كمية كبيرة، خاصة إذا كنت لا تستخدمها في أي شيء"، في إشارة إلى حقيقة أن إيران هي الدولة الوحيدة التي تقوم بالتخصيب إلى هذا المستوى العالي دون إنتاج أسلحة نووية.
ثمار المفاوضات مع واشنطن!
ووفق رويترز فإن المعدل الذي تخصب به إيران اليورانيوم إلى 60 بالمئة تباطأ إلى نحو ثلاثة كيلوجرامات شهرياً من تسعة في وقت سابق من العام، وهو ما قال دبلوماسيون إنه نتيجة واضحة لمفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة أدت إلى تبادل الأسرى بين البلدين في سبتمبر/أيلول.
وأفاد التقرير بأن عدد مجموعات أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم لم يتغير أيضاً، لكن التوتر بين الوكالة وإيران تزايد.
وأصدر مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة قراراً قبل عام يأمر إيران بالتعاون مع تحقيق الوكالة في آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة. ومنذ ذلك الحين، قلصت الوكالة قائمة المواقع إلى اثنين، ولكن دون إحراز تقدم يذكر.
لا عواقب
كما تزايدت قائمة القضايا الملحة لدى الوكالة في إيران، إذ لم تفِ طهران إلا جزئياً باتفاق جرى التوصل له في مارس/آذار لإعادة تركيب معدات المراقبة، بما في ذلك كاميرات المراقبة التي أزيلت العام الماضي بناء على طلب طهران. والقضية الأخرى ما يصفه النظام الإيراني "بسحب اعتماد" مفتشين للوكالة ذوي خبرة عالية.
وفي التقرير الثاني الذي صدر الأربعاء، قالت الوكالة إنه لم يُحرز تقدم حتى الآن حول القضيتين.
وهذه هي المرة الثانية على التوالي تشير فيها تقارير ربع سنوية لوكالة الطاقة الذرية إلى عدم إحراز تقدم في أي من القضيتين. وذكر التقرير أن مدير عام الوكالة رافائيل جروسي كتب إلى إيران يطلب منها إعادة النظر في سحب الاعتماد، واكتفت إيران في ردها بالقول إنها "تبحث إمكانية تلبية الطلب".
وقال التقرير الثاني للوكالة "على الرغم من أن هذا الإجراء مسموح به رسمياً... فقد مارسته إيران بطريقة تؤثر مباشرة وبشكل خطير على قدرة الوكالة على الاضطلاع بفعالية بأنشطة التحقق في إيران، وفي منشآت التخصيب بخاصة".
وأضاف أن "المدير العام (جروسي) ما زال يندد بقوة بسحب إيران المفاجئ لأسماء عدد من مفتشي الوكالة ذوي الخبرة".
وعلى الرغم من الأزمة بين إيران ووكالة الطاقة الذرية حول المفتشين والجسيمات ومعدات المراقبة، فمن غير المرجح أن تواجه إيران عواقب وخيمة عندما يجتمع مجلس محافظي الوكالة الأسبوع المقبل.
وفي حين هددت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في السابق بالمصادقة على قرار ملزم آخر ضد إيران، يقول دبلوماسيون إن ذلك لن يحدث هذه المرة لأسباب من بينها تجنب التصعيد الدبلوماسي مع إيران بينما يتركز الاهتمام على صراع إسرائيل مع حركة حماس في غزة.
إعفاء من العقوبات
وأمس الأربعاء، جددت واشنطن الإعفاءات الخاصة بالعقوبات على إيران لمدة 4 أشهر إضافية، بما يسمح لطهران الحصول على 10 مليارات دولار من مستحقاتها لتصدير الكهرباء إلى العراق، وذلك وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ مطلع الشهر الماضي وعدم تدخل إيران عسكرياً لدعم الفصائل الفلسطينية، خلافاً لوعودها السابقة تحت شعار "وحدة الساحات".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الولايات المتحدة أصدرت إعفاءً جديداً مدته 120 يوماً يسمح للعراق بدفع ثمن الكهرباء لإيران، مشيرين إلى أن هذا التنازل مطابق للإعفاء الذي تم منحه في تموز/ يوليو الماضي، والذي سمح لأول مرة للعراق ليس فقط بدفع مدفوعات إلى حسابات إيرانية مقيدة في العراق، ولكن أيضاً بإرسال الأموال إلى حسابات مقيدة مماثلة في دول ثالثة، بما في ذلك إلى عمان أو عدد من الدول الأوروبية.
مكافأة لإيران
وتجنب المسؤولون الأمريكيون الانتقادات، لا سيما من الجمهوريين في الكونجرس، بأن منح إيران إمكانية الوصول بشكل أكبر إلى هذه المبالغ يحرر الأموال التي يمكن لطهران إنفاقها على الميليشيات التي تهاجم القوات الأمريكية، أو بشأن برنامجها النووي.
واعتبر نقّاد تحدثوا لموقع "واشنطن فري بيكون" الأمريكي أن التنازل عن العقوبات دليل على أن الإدارة الأمريكية تحافظ على القنوات المالية لطهران، رغم اتهامها بالتخطيط للهجوم الذي نفذته الفصائل الفلسطينية على غلاف قطاع غزة في 7 تشرين الأول الماضي، والذي أسفر عن مقتل مئات الإسرائيليين وأسر آخرين بينهم أمريكيون. فيما خلّف القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة أكثر من 40 ألف قتيل وجريح مدني، معظمهم من الأطفال والنساء.
التعليقات (1)