كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن حالة من "التخوين والانقسام" تعتري العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنظومة الجيش، وذلك على خلفية فشل التنبؤ بهجوم الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على الداخل الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وذكرت الصحيفة في تقرير أعدّه ميخائيل هاوسر توف، الأحد، أن نتنياهو يسعى للتنصل من مسؤولية فشل التنبؤ بهجوم الفصائل الفلسطينية، إذ يشن حملة لإلقاء المسؤولية على عاتق الجيش.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بالجيش الإسرائيلي قوله إن "نتنياهو يجمع الأدلة ضد الجيش ويردد أنه لم يحصل على المعلومات الاستخبارية".
وقال مسؤول آخر بالجيش للصحيفة: "ما يفعله نتنياهو واضح، إنه أمر مشين".
ولفتت الصحيفة إلى أن "كبار القادة العسكريين تحملوا مسؤولية الفشل في توقع الهجوم، بينما رفض نتنياهو الاعتراف بأي دور".
"أسوأ فشل منذ تأسيس الدولة"
وقبل أيام، نقل موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي عن مصادر قريبة من نتنياهو قوله إن "زوجته سارة، طلبت منه جمع كل الاتصالات العامة والمحاضر السرية من اجتماعات مجلس الوزراء الأمني والمناقشات حول قضايا الدفاع".
وأضاف: "طلبت (سارة) منه أيضاً أن يجمع كل الاقتباسات، من كبار مسؤولي الدفاع السابقين والحاليين، التي تعكس تقييمات استخبارية خاطئة، فيما يتعلق بقدرات حماس ونواياها".
ولفتت هآرتس إلى أنه "منذ بدء الحرب، التقى نتنياهو رؤساءَ وسائل الإعلام المختلفة في إسرائيل للمرة الأولى منذ سنوات عديدة".
ونقلت عن وزير من حزب الليكود لم تسمه قوله: "إن أي شخص يعتقد أنه يمكن أن يفلت من تحمل المسؤولية الجسيمة عن أسوأ فشل منذ تأسيس الدولة، يرتكب خطأ فادحاً".
وأردف: "من يسعون للتنصل من مسؤوليتهم، لا يؤدون إلا إلى تفاقم وضعهم، فالجمهور الإسرائيلي يحمل غضباً".
"انقسام وتخوين"
وتعليقاً على حالة الانقسام التي تشهدها إسرائيل عقب هجوم الفصائل الفلسطينية، اتّهم الصحفي الإسرائيلي نحميا شترسلر، نتنياهو بالعجز عن قيادة شعبه خلال الحرب، وحمّله المسؤولية عما يجري الآن.
وأشار في مقال بصحيفة هآرتس حمل عنوان "ليس غداً، وليس الأسبوع المقبل، على نتنياهو أن يرحل الآن" إلى أن نتنياهو غير لائق لقيادة البلد، ولا يمكنه البقاء في منصبه ولو ليوم واحد آخر.
وقال إن كل التحركات في الحرب وكل الاتصالات الدبلوماسية ستكون موجّهة نحو هدف واحد فقط، وهو بقاؤه في السلطة. الأمر الذي لن يتيح لإسرائيل تحقيق النصر في الحرب على حد تعبيره.
واتّهمه بالإسهام في تقوية حماس وتسهيل تحويل الأموال التي تغذّت عليها المقاومة الفلسطينية، كما حمّله المسؤولية عن مقتل 1400 يهودي واختطاف 200. وقتل مدنيين في غزة بقصف عشوائي.
وقال إن نتنياهو كان يزعم بأن حماس في مرحلة دفاع عن النفس، وليست خطرة، لذلك قلّص حجم الجيش في غلاف غزة، فقام بنقل كتيبة ونصف الكتيبة من حدود غزة إلى الضفة الغربية، ما سهّل على حماس القيام بالعملية.
وفي هآرتس أيضا، كتب الصحفي الإسرائيلي، يوسي فيرتر، عن تهرّب نتنياهو من المسؤولية وخطورة سياساته على إسرائيل في تعزيز انقساماتها الاجتماعية وسوء إدارته الدفاعية.
ويصف الكاتب الإسرائيلي حرب التخوين المستعرة بين فئات المجتمع فيقول: "في وسائل الإعلام، تتجهز كلاب نتنياهو الهجومية للانقضاض. وقد وعدت مراسلة تلفزيون نتنياهو مشاهديها بأنه سيأتي اليوم الذي تقوم فيه بمحاسبة صحيفة هآرتس عن مسؤوليتها في الحرب".
وبعد عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها حماس وفصائل فلسطينية في غزة، اعتبر محللون إسرائيليون أن عدم قدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على التنبؤ بالهجوم يمثل "فشلاً كارثياً ستكون له انعكاساته السياسية".
انعدام الثقة بـ "المنظومة الأمنية"
في السياق، يعرب العديد من الإسرائيليين عن صدمتهم لشعورهم بفقدان الثقة بـ "المنظومة الأمنية"، بعد أسبوعين من هجوم الفصائل الفلسطينية غير المسبوق على إسرائيل.
وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن الإسرائيلية رافيت شتاين التي تعمل في مجال التأمين "لم يسبق لي أن شعرت بهذا المستوى من الضعف والخطر".
وتضيف ربة العائلة: "منذ الهجوم الرهيب يلازمني هاجس أن يعيدوا الكَرّة".
فيما يقول خبير البرمجة المعلوماتية عوفر كادوش: "فقدنا الثقة بمنظومتنا الأمنية. كيف لا؟.. استعادة هذه الثقة ستحتاج إلى وقت طويل. بانتظار ذلك سأشتري سلاحاً".
عملية عسكرية برية
وتُلوّح تل أبيب منذ أيام بشن عملية عسكرية برية في قطاع غزة في حين تواصل شن غاراتها الجوية بشكل مكثف على القطاع لليوم السابع عشر على التوالي.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الإثنين، إن تل أبيب قررت "تأخير الحرب البرية" في قطاع غزة بانتظار وصول قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة.
ودمّرت الغارات الإسرائيلية في غزة أحياء بكاملها، وقتلت 4651 فلسطينياً، بينهم 1873 طفلاً و1023 سيدة، وأصابت 14245، بحسب وزارة الصحة في القطاع. كما يوجد عدد غير محدد من المفقودين تحت الأنقاض.
فيما قتلت الفصائل الفلسطينية أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقا لوزارة الصحة الإسرائيلية، كما أسرت ما يزيد عن 200 إسرائيلي، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.
التعليقات (1)