بدأت حكومة ميليشيا أسد بترقيم المنازل في مدن وبلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق، وذلك بعد إعلان المحافظة أنه سيتم إجراء إحصاء للسكان في المحافظة، بحسب ما كشفت مصادر محلية في الغوطة لموقع "أورينت نت".
وذكرت المصادر أن الهدف من إجراء الإحصاء ليس كما أعلنت حكومة أسد والمتمثل بتسهيل تقديم الخدمات للسكان، مؤكدة أن هناك مآرب أخرى من وراء هذا الإجراء.
مزاعم النظام
ونقلت وسائل إعلام النظام عن نائب محافظ ريف دمشق جاسم المحمود، قوله أمس إنه تقرر إجراء إحصاء لمعرفة عدد سكان المحافظة، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يبدأ إجراء الإحصاء اعتباراً من الأسبوع المقبل.
وزعم الحمود أن الإحصاء يفيد في تخصيص الإيرادات وتوزيعها على المناطق بناء على عدد سكان كل منطقة وبالتالي يكون هناك سهولة كبيرة في توزيع هذه المخصصات.
وضرب مثالاً على ذلك بأنه سيتم توزيع المخصصات من الطحين بحسب سكان كل منطقة.
أسباب غير معلنة
إلا أن مصادر أورينت أكدت أن الهدف من وراء إجراء الإحصاء في الغوطة على سبيل المثال يتمثل بمعرفة مكان إقامة المطلوبين للنظام من أجل تسهيل عمليات اعتقالهم.
وأوضحت المصادر أنه بعد تهجير أبناء الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري عام 2018 رفض عدد كبير من الشبان الالتحاق بميليشيا أسد، ومنهم من هرب إلى خارج البلد، فيما بقي آخرون داخل الغوطة رغم أنهم مطلوبون.
وبيّنت أن المفارز الأمنية تقوم مقابل الحصول على مبالغ مالية بالتغطية على المطلوبين من خلال إخبارهم بقدوم الدوريات لاعتقالهم.
إحصاءات سابقة
وبحسب المصادر، فإن حكومة أسد أجرت في عامي 2018 و2019 إحصاء للسكان في المنطقة بعد تقسيمها إلى قطاعات تسيطر عليها ميليشيات الأفرع الأمنية، حيث تم إحصاء السكان بالاسم والأوراق الثبوتية، ووضع البيانات في البلديات.
وأشار إلى أن عمليات الإحصاء آنذاك كانت من أجل تسهيل عمليات الاعتقال التي طالت أبناء الغوطة، حيث كان يتم مداهمة المنازل واعتقال الأشخاص المطلوبين مباشرة بناء على البيانات من البلدية.
وفق ما ذكرت المصادر، فإن عمليات الاعتقال كانت لا تتم إلا بعد أن تسمح الميليشيا المسؤولة عن القطاع للجهات الأخري بدخول قطاعها ومداهمة المنازل لاعتقال المطلوبين.
ولفتت إلى أن قطاع دوما كان حينها يتبع لأمن الدولة، والقطاع الجنوبي (المليحة وزبدين ودير العصافير..) للمخابرات الجوية، والقطاع الأوسط (كفربطنا وعين ترما وزملكا..) للمخابرات العسكرية، وحرستا وعربين ومديرا للأمن السياسي.
المفقودون والمعتقلون
وشكّك عضو "هيئة القانونيين السوريين" المحامي عبد الناصر حوشان، بمصداقية أي إحصاء يُجريه نظام أسد للسكان، معتبراً أن النظام سيُدين نفسه عند إجراء أي إحصاء دقيق، لارتكابه على مدار السنوات الماضية شتى جرائم القتل والاعتقال والإخفاء القسري بحق المدنيين.
وقال حوشان لموقع "أورينت نت": بداية لا يجوز إجراء إحصاء مناطقي في هذه الظروف لأن الإحصاء يعتمد على سجلّات الأحوال المدنيّة (النفوس)، ومن المعروف أن النظام أغلق مديريّات الأحوال المدنيّة في درعا وريف دمشق وحمص وإدلب والرقة ودير الزور والحسكة منذ عام 2012، وبالتالي فكل الوقوعات على أحوال السكان المدنية في هذه المناطق غير مسجلة ومنها الولادات والوفيات والزواج والطلاق والنسب، ما يجعل أي عملية إحصاء ليست ذات مصداقيّة".
وأضاف أن "أي عملية إحصاء لن ترصد آلاف المفقودين، إما مختفون قسرياً أو معتقلون تعسفياً أو تحت أنقاض المساكن في المدن التي دمّرها النظام، وبالتالي لن يعترف بوجودهم حتى لا يدين نفسه بجرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والقتل تحت التعذيب".
وأشار حوشان إلى أن "احتمالية حياة أو موت المفقودين قائمة ولا يمكن الجزم بها، ما يعنى أن أي عملية إحصاء ستؤدي إلى شطب قيودهم من السجلات المدنية، وبالتالي تبديد وإخفاء الأدلة على اعتقالهم أو قتلهم أو إخفائهم قسرياً".
ووفق حوشان فإن ذريعة النظام بترشيد وتوزيع الإيرادات مردودة عليه، لأنها لا تحتاج إلى إحصاء رسمي بناءً على سجلات الأحوال المدنيّة، لانها تستهدف المقيمين وليس السكان الأصليين فقط، لافتاً إلى أن النظام أعلن عن 4 احصائيّات سكانية منذ عام 2011 وكل إحصائيّة تختلف عن الأخرى بفارق 4 إلى 7 ملايين نسمة.
ومنذ تهجير أبناء الغوطة في عام 2018 على يد ميليشيا أسد بدعم إيراني وروسي بعد حصار خانق استمر لسنوات، امتنع آلاف الشبان من الالتحاق في صفوف الميليشيا التي تغلغلت أجهزتها الأمنية في المنطقة واستولت على أملاك المهجرين، واعتقلت الآلاف من أبناء الغوطة الذين رفضوا الخروج من المنطقة.
التعليقات (3)