رسائل تحذير أم رأي خاص؟.. ما دلالات هجوم صحيفة روسية معروفة على بشار الأسد؟

رسائل تحذير أم رأي خاص؟.. ما دلالات هجوم صحيفة روسية معروفة على بشار الأسد؟

حظيت مقالة نشرتها صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية (غير حكومية) تحت عنوان "المهرّبون السوريون باتوا يشكّلون تهديداً جوياً للأردن"، باهتمام واسع من المراقبين للشأن السوري، بسبب النبرة العالية والانتقادات التي وجّهتها الصحيفة لنظام الأسد، على خلفية استمرار تهريب المخدرات نحو الأردن، والاحتجاجات التي يشهدها الجنوب السوري.

ويَظهر لمن يقرأ الهجوم والانتقاد الحاد في مقال الكاتب الروسي إيغور سوبوتين الذي ترجمته قناة "روسيا اليوم"، أن هناك نقلة في الخطاب الروسي، لكن في العموم يجب وضع المقالة في سياقها الطبيعي، باعتبارها مقالة تعبّر عن رأي كاتبها، ولا تعبّر عن قرار الكرملين.

وكان سوبوتين قد وصف الحالة الأمنية في الجنوب السوري بـ"وصمة عار كبيرة في المجال الأمني السوري"، قائلاً: إن "قادة الاحتجاج المحليين في السويداء يعتقدون أن دمشق لا تحترم التزاماتها ويريدون تشكيل إدارة مؤقتة".

وتابعت الصحيفة الروسية أن "الأردن يناقش استخدام مهربي المخدرات في سوريا للطائرات المسيرة، وأن مكافحة تهريب المخدرات، وفقاً للبيانات المتاحة، هي جزء من الالتزامات التي كان على دمشق أن تتحمّلها لإعادة دمجها في جامعة الدول العربية.

ويتّهم الكاتب الروسي النظام بعدم فعل "الكثير" في مجال مكافحة تهريب المخدرات، مشيراً إلى أن الأردن أظهر بالفعل استعداده لشن غارات جوية على أهداف المهربين.

ويرى سوبوتين في مقاله أن خطورة الحالة في حقيقة أن استقرار الوضع في الجنوب، بحسب الفهم الشعبي، كان أحد أهم شروط إعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية في أيار الماضي، مؤكداً أن "المملكة العربية السعودية توقفت، حتى الآن، عن المضي في عملية التقارب الدبلوماسي مع الأسد".

ويُشيد الكاتب المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد بموضوعية صديقه كاتب المقال سوبوتين، ويقول لـ"أورينت نت": "من المعروف عنه أنه يستعرض الواقع بأقصى قدر متاح، ويتناول القضايا ويمرر وجهة نظر معينة في صحيفة نيزافيسيمايا".

روسيا مستاءة من سلوك النظام

وما يلفت انتباه عبد الواحد هو قيام قناة "روسيا اليوم" الحكومية بترجمة ونشر المقال، معتقداً أن ذلك يشي بامتعاض وانزعاج روسي من عدم التزام الأسد –كما يجب- بالاتفاق مع الدول العربية، وهو الاتفاق الذي أُعيد النظام بموجبه إلى جامعة الدول العربية.

ويقول المختص بالشأن الروسي إن "نشر المقال في قناة حكومية هو رسالة "هادئة" من موسكو وبشكل غير مباشر إلى نظام الأسد، تعكس حالة استياء روسي سببها عدم التزام النظام ببنود الاتفاق مع الدول العربية".

ويبدو أنه أمام حالة الغضب العربي عموماً والأردني على وجه الخصوص من استمرار تهريب شحنات المخدرات، تُضطر روسيا إلى إظهار عدم رضاها عن سلوك النظام، خاصة أن دورها كان محورياً في تشجيع الدول العربية على التطبيع مع الأسد.

ولم تتدخّل روسيا حتى الآن في الاحتجاجات التي تُسجّلها السويداء ضد النظام، وهو ما يؤشّر من وجهة نظر المحلل السياسي فواز المفلح، إلى أن روسيا ترى في حراك السويداء فرصة لتسريع فرض الحل السياسي من خلال طرح "اللامركزية" كشكل لإدارة الحكم في سوريا، في ظل تقاسم مناطق النفوذ، والولاءات المتعددة.  

وما يدل على ذلك، وفق المفلح، إشارة مقال الصحيفة الروسية إلى أن قادة الحراك في السويداء يريدون "تشكيل إدارة مؤقتة"، ويقول لـ"أورينت نت": "باعتقادي ينطوي المقال على تهديد روسي واضح للنظام، إذ تريد موسكو أن يُقدم الأسد تنازلات "شكلية" للبدء بعملية سياسية، وتنفيذ القرار رقم 2254 وفق التصور الروسي، في حين يمتنع النظام عن تقديم أبسط التنازلات مدعوماً من إيران".

روسيا تُملي على الأسد

في المقابل، يعتبر الكاتب المختص بالشأن الروسي الدكتور نصر اليوسف، أن "من الخطأ قراءة كل ما يُكتب في الصحف الروسية، وخاصة غير الحكومية، على أنه يعبّر عن وجهة نظر الدولة الروسية".

ويضيف لـ"أورينت نت" أنه "لا تحتاج روسيا لإشارات في موضوع يخص الشأن السوري، فهي تستطيع أن تُملي على الأسد ما تريد، وهو لا يستطيع أن يخالف ذلك، لأنه يعرف أن مصيره بيد الروس".

 ومن وقت لآخر تنتقد الصحف الروسية سياسات نظام الأسد، ويبدو أن تعثر مسار التطبيع العربي مع النظام والحراك الشعبي الواسع ضده في الجنوب السوري قد حمل روسيا على تمرير بعض الرسائل للتهرب من مسؤوليتها أمام غضب الشارع في مناطق سيطرة النظام والاستياء العربي.

التعليقات (1)

    Lula

    ·منذ سنة شهر
    أولاً وأخيرًا أن روسيا مضطرة للتخلي عن بشار لقاء مصالحها مع باقي الدول العربية التي لا ترغب بهذا المعتوه.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات