لم تُعر وسائل الإعلام الخليجية أي اهتمام يُذكر بالحوار الذي أجرته قناة "سكاي نيوز عربية" مع رئيس النظام بشار الأسد، وعلى وجه الخصوص من الإعلام السعودي.
وتعكس حالة "عدم الاهتمام" بما صدر عن الأسد من قبل وسائل الإعلام السعودية، حجم التعقيدات التي تعترض مسار التطبيع العربي مع ميليشيا أسد، وهي التعقيدات التي أشار الأسد في ظهوره المتلفز إليها، عندما وصف العلاقات العربية- العربية بـ"الشكلية"، في تشكيك صريح منه بأهمية إعادة نظامه إلى جامعة الدول العربية، والانفتاح العربي.
وذهب الأسد أبعد من ذلك، عندما كال المديح لإيران وروسيا قائلاً إن "العلاقة مع إيران وروسيا أثبتت أن سوريا تعرف كيف تختار أصدقاءها بشكل صحيح".
وفي رده على توقعاته من العرب، قال الأسد: "لا أستطيع أن أتوقع، أستطيع أن آمل، نأمل بأن نتمكن من بناء مؤسسات، مشكلة العرب أنهم لم يبنوا العلاقات على مؤسسات، لذلك لم يبنوا مؤسسات، وإذا تحدثنا عن العلاقات الثنائية فهي ضعيفة لهذا السبب والعلاقة الجماعية عبر الجامعة العربية، لأن الجامعة العربية لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي، هذا هو ما نراه وهذا ما نأمل أن نتمكن من تجاوزه".
مصدر سعودي أكد لـ"أورينت نت" أن "حالة عدم الاكتراث بكل ما يصدر عن الأسد هي السائدة في الأوساط السعودية"، وقال: "الكل غير مهتم بالخطاب وبكل ما جاء فيه".
ويعزز حديث المصدر السعودي الأنباء التي حصلت عليها "أورينت نت" من مصادرها عن كبح السعودية التطبيع مع النظام، بدعوى عدم الالتزام بوقف شحنات المخدرات، حيث تنصل الأسد من مسؤولية نظامه عن تصنيع وتجارة المخدرات وحمل انتشارها إلى الدول "الداعمة للمعارضة".
وفي هذا السياق، تلفت الكاتبة الصحفية الأردنية هديل الروابدة في حديثها لـ"أورينت نت" إلى التقرير المدعم بالوثائق والشهادات الحية الذي نشرته قناة "بي بي سي" البريطانية، الذي كشف تورط رأس النظام وشقيقه ماهر وميليشيا "حزب الله" في ملف المخدرات.
الأسد يجتر الرواية ذاتها
وتصف الروابدة إلقاء الأسد بمسؤولية تجارة المخدرات على الدول بـ"النكتة السمجة"، وتقول: "لم يمل الأسد من اجترار روايته ذاتها"، وتردف: "من سمع نبرة الأسد يدرك أن لا شيء تغير من طريقة إدارته للأزمة على المستويين المحلي والعربي".
ومن هنا، لا تستبعد الصحفية الأردنية أن تُعيد الدول العربية التي بادرت نحو النظام النظر في خطواتها السابقة، وتقول: "من وجهة نظري الشخصية، فإن امتناع الأسد عن التجاوب مع المحاولات العربية الهادفة إلى وضع سوريا على سكة القطار العربي سيدفع الدول التي بادرت بمد يدها إليه إلى التفكير مطولاً".
وجاء مضمون الخطاب مخالفاً للآراء التي كانت تعتبر أن الغاية منه كسب ود الدول الخليجية وإرسال رسائل لتصحيح الاعتقاد السائد بفشل أي رهان على التطبيع مع النظام.
ويلفت الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، إلى توقف الأوساط السعودية ملياً عند إشادة الأسد بتحالفه مع إيران، ويقول لـ"أورينت نت": "كان المفترض أن تسمع السعودية نبرة مختلفة، وخاصة أن الأسد تحدث من على منصة (سكاي نيوز) عربية".
أما عن روسيا فيرى أن السعودية لا تنظر بعين الحذر إلى النفوذ الروسي في سوريا، مرجعاً ذلك إلى أن "الرياض تعتقد أن روسيا مع تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254".
لكن مع ذلك، يثبت الأسد أنه ليس بوارد تقديم أي تنازل للعرب، بحيث لم يأت في المقابلة على ذكر أي "مبادرة"، كما يؤكد خليفة، مضيفاً "كل المعطيات المتوفرة تشي بعدم تقدم مسار التطبيع العربي الذي بدأ أساساً تحت عناوين إنسانية، أي بعد زلزال شباط الماضي"، ويختتم بقوله إن "أصداء حوار الأسد في الأوساط السعودية أكدت المؤكد أي استحالة الصداقة بين العرب والنظام".
وبالعموم، أراد الأسد القول للعرب إن الانفتاح عليه لن يدفعه إلى تغيير تحالفاته ونهجه، حتى لو أدى ذلك إلى عودة العلاقات معه إلى القطيعة مجدداً.
التعليقات (6)