في نهاية عام 2010، بدأ الناس في العديد من الدول العربية بالتمرد على قادتهم المستبدين، في بعض الدول، كان انتقال السلطة سلمياً وسريعاً نسبياً يرجع ذلك جزئياً إلى تأثير الغرب، ومع ذلك، هناك خصوصية لكل دولة، سواء ثقافية أو جيوسياسية ولكن لم يكن هذا هو الحال في سوريا. بدأت الاحتجاجات في وقت متأخر نسبياً على شكل انتفاضة شعبية عفوية حيث خرجت المظاهرات الأولى المطالبة بتحسين مستوى المعيشة ونحو مزيد من الحرية ليتصاعد الموقف بسرعة ويرتفع سقف المطالبات بإسقاط النظام وسقوط رئيسه.
سقطت أولى الوفيات في المظاهرات السلمية بسبب المحاولات العدوانية من قبل قوات الأمن السورية لتفريقها. بدأ المتظاهرون أيضاً في تسليح أنفسهم في البداية للدفاع عن النفس، ولاحقاً لدفع النظام إلى التراجع عن المناطق التي تقتحمها قواته.
في صيف عام 2011 ، شكل جنود ضباط وصف ضباط مهملون انشقوا عن النظام شكلوا ما سمي الجيش السوري الحر بهدف حماية المدنيين من القوات الحكومية. وسرعان ما تحولت المواجهة بعد فترة إلى حرب أهلية دامية. اتهم فيها النظام بإرتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان كما فصائل في المعارضة متهمون أيضاً بارتكاب انتهاكات في هذا المجال.
وبحسب التقديرات، فَقدَ أكثر من نصف مليون شخص حياتهم، ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فر ما يقرب من 5.6 مليون سوري إلى دول أخرى. بالإضافة إلى ذلك ، هناك أكثر من ستة ملايين نازح داخلي ، بما في ذلك 2.5 مليون طفل.
خطوط الصراع في الحرب السورية
إضافة إلى الجهات الفاعلة المختلفة في سوريا، هناك دول أخرى مشاركة عسكرياً أيضاً، تقدم روسيا وإيران الدعم العسكري للنظام. وقاموا باحتلال مناطق شاسعة من سوريا وأقاموا فيها مستودعات أسلحة وقواعد عسكرية، من جهة ثانية، هم يعارضون سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا. كما إن تركيا تشارك في القتال في سوريا بدعمها فصائل الجيش الحر ضد وجود ما يسمى وحدات حماية الشعب الكردية على حدودها، ونتيجة الحرب فر ملايين الأشخاص من سوريا وتوفي مئات الآلاف. لقد دمرت العديد من المدن على نطاق واسع، ويعتمد جزء كبير من السكان على المساعدات الإنسانية.
إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا
أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل فترة وجيزة من الانتخابات التركية أنه جاد حقاً في إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا، حيث وضع حجر الأساس لمشروع سكني يضم 240 ألف وحدة سكنية بالقرب من جرابلس. والمنطقة واقعة تحت الاحتلال التركي منذ 2016 وتسيطر عليها تركيا بمساعدة فصائل المعارضة والميليشيات التابعة للجيش الحر.
ولكن إذا تصالح أردوغان الفائز في انتخابات الرئاسة مع الأسد الفائز باسترداد مقعد بين إخوته العرب، فقد تعود أجهزته الأمنية والعسكرية إلى شمال سوريا. عندها لن يكون الوضع آمناً للسوريين الذين فروا إلى هناك لأسباب أمنية وعسكرية فسوف يلاحقهم هناك خطر الاضطهاد والابتزاز والتجنيد الإجباري والاعتقال وبالتالي عند مطالبتهم بالعوده لن يغادر سوى عدد قليل منهم "طواعية". وبغض النظر عن عدد المساكن التي بناها أردوغان يبدو أن التقارب بين تركيا وسوريا مسألة وقت فقط ، حيث التقى وزيرا الدفاع والخارجية في كلا البلدين بالفعل برعاية روسية وتباحثا موضوع عودة اللاجئين و أمن الحدود بين البلدين.
المصالح المشتركة بين الرئيس التركي و الأسد
يريد أردوغان عودة اللاجئين وإنهاء الحكم الذاتي الذي يهيمن عليه الأكراد في الشمال الشرقي. من ناحية أخرى، يصر الأسد على انسحاب القوات التركية كشرط للمحادثات.
إذا قبل أردوغان بذلك ، فقد يعني ذلك نهاية مناطق المعارضة في سوريا على المدى المنظور، مع العلم أنه لا تزال ثلاث مناطق خارج سيطرة النظام حتى يومنا هذا. منها تحت الحماية التركية و إدلب الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام" في الشمال الغربي، والمنطقة الخاضعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهي المناطق السورية الواقعة تحت نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات الحماية الشعبية التابعة له.
بعد الانسحاب التركي، قد يحاول الأسد استعادة ما تبقى من محافظة إدلب في الشمال الغربي بالقوة بدعم روسي وإيراني، وهو خيار لا يفضله على ما يبدو من ناحية أخرى، لا تريد تركيا ولا أوروبا استقبال المزيد من اللاجئين.
كثير منهم نازحون داخلياً ويعيشون في تجمعات ضخمة من الخيام على طول الحدود. ولكن في حال لم يوافق خصوم الأسد على طلبه باستعادة المنطقة التي تقع خارج سيطرة دولته، يمكن تسليمها إلى الأمم المتحدة.
في المناطق التي تخضع لسيطرة تركيا، يمكن لسوريا وتركيا التفاوض على تعاون عسكري بدلاً من الانسحاب الكامل للقوات التركية. سيتعين على الجنود التابعين للجيش الحر مغادرة المنطقة إلى تركيا ، وسيتولى الأسد الإدارة وسيستفيد اقتصادياً من التجارة مع تركيا ومن البنية التحتية التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة. للقيام بذلك ، سيتعين على جنوده وأجهزته الأمنية والعسكرية التعامل مع الوجود العسكري التركي الذي يضمن للسوريين الراغبين في العودة درجة معينة من الأمن لأنهم بدونها، لن يعود اللاجئون "طواعية".
من ناحية أخرى، في الشمال الشرقي يسعى أردوغان والأسد لتحقيق نفس الهدف: تحطيم الحكم الذاتي للأكراد. بالنسبة لأردوغان، يتعلق الأمر بمحاربة الإرهابيين من حزب العمال الكردستاني، وبالنسبة للأسد يتعلق الأمر باستعادة قوته المركزية على كامل الجغرفيا السورية على عكس حالة إدلب ، التي يبدو أن النظام السوري لا يريد إخضاعها بالقوة، بل من خلال المفاوضات.
وهنا أيضاً يضع الأسد شرطاً مسبقاً: انسحاب الولايات المتحدة بجنودها البالغ عددهم 900 جندي.و أيضاً إخلاء قاعدة التنف من قوات التحالف الدولي الذي تقودة الولايات المتحدة وفي هذه الحالة سيفقد الأكراد قوتهم وسيكونون تحت رحمة النظام في دمشق.
يشعر الأسد بالقوة لأنه محاط بمعارضين يريدون التصالح معه: تركيا في الشمال، والعراق في الشرق، والحكومة الإقليمية الكردية في أربيل، في ظل هذه الضغوط ، يقال إن جامعة الدول العربية، التي استأنفت سوريا لتوها عضويتها فيها، تتوسط بين النظام والحكم الذاتي خطة من تسع نقاط لحل الأزمة في سوريا.
في منتصف نيسان الماضي ، قدمت "الإدارة الذاتية" خطة من تسع نقاط لحل الأزمة في سوريا من خلال إدارة لامركزية اعتبرت أنها الضامن لوحدة أراضي سوريا عبر حوار مع جميع المجموعات العرقية والدينية تؤدي لإنهاء ما أسمته "الاحتلال التركي" وإعادة فتح معبر اليعربية الحدودي الذي أغلقه روسيا باستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي.
في المقابل، هم مستعدون لاستقبال اللاجئين وسيقومون بتوزيع النفط والغاز بين المناطق السورية. وانطلاقاً من اهتمامات دول الجوار، تعلن الجامعة أنها تريد العمل مع الدول العربية والأمم المتحدة بشأن القضايا المركزية للهجرة ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات".
بعد كل شيء ، يهتم العالم بسوريا فقط عندما يتعلق الأمر بقضايا إبقاء اللاجئين أو إعادتهم. ولكن حتى لو استعاد نظام الأسد السيطرة على كل سوريا كجزء من اتفاق مع أردوغان ، فسيؤدي ذلك إلى فرار عشرات الآلاف من السوريين من الشمال الشرقي اعتادوا على حرية معينة أو التزام اجتماعي أو ثقافي.
عندما تنتصر الدول على إرادة الشعوب فشل أردوغان سياسياً، وفشلت دول أصدقاء سوريا وفشلت دول أعداء سوريا وفشل المجتمعون في سوتشي وفي جنيف وفي أستانا وفي دمشق و في فرنسا
ولكن نجحوا جميعاً في جدة في إعلان انتصار الأسد على شعبه وانتصارهم على آخر ثورة ربيع عربي . وانتصار القومية في أدمغة الشعوب. وانتصار اليمين على اليسار، في الشرق الأوسط وفي أوروبا، وآسيا وإفريقيا وأمريكا مما يعني أن على الديمقراطية في منطقتنا الدافئة أن ترتدي ملابس سميكة داكنة حتى لا تنفذ إليها نسائم اليسار والعلمانية الباردة.
كما يبدو، الأسد هو الفائز، والمستقبل وحده هو الذي سيظهر ما إذا كان الأسد جاداً في رغبته في أن يكون جزءاً من هذا المستقبل أم لا . لا القرار الاممي 2254
مفتاح الحل الضائع للقرار الاممي 2254
الذي سيغرقنا وليد المعلم وهو في قبره بالتفاصيل وبدون نقل مستخدم من مكتبه إلى مكتب آخر وبدون نقل الصلاحيات من رئيس دائرة إلى رئيس دائرة آخر ومن وزن إلى وزن مجاور أو بعيد ودون محاسبة الفاسدين وبائعي المازوت والغاز والحواجز وبدون تأمين لقمة خبز لجائع ولا غطاء دافئ لبردان ولا ضوء ولا عدالة ولا مساواة ولا دستور ولا الكشف عن المعتقلين أو الإفراج عنهم وإن المعارضة تعرف ذلك جيداً أكثر من النظام لأنها كانت جزءاً منه وكل ما لدى النظام موجود لدى المعارضة.
وكما يقول سيغموند فرويد عندما يطول الصراع بين المعارضة و أجهزة الحكم المستبدة ينتج عن ذلك معارضة تشبه النظام الحاكم وكما إن الذين يكسبون من النظام مستعدون للموت من أجل بقائه كذلك الذين يكسبون من المعارضة مستعدون للموت من أجل بقائهم لذلك يبدو واضحاً أن القرار الأممي 2254 وهو الوحيد الذي يتمسك به الجميع لا يصلح للحل في سوريا، لأن بنية النظام وطبيعته أثبتت خلال السنوات الماضية أنها لا تقبل مبدأ التفاوض ولا المشاركة، لأنها تمتلك أدوات إسكات شعوبها و شراء خصومها ومعارضيها .
التعليقات (37)