شنّت وسائل إعلام أوروبية، هجوماً على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حملته الانتخابية والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، كما انتقدته العديد من الصحف في حين دافعت عن منافسه كمال كلجيدار أوغلو.
ولعل الحملة الإعلامية ظهرت جلياً في كبرى الصحف مثل "إيكونوميست" البريطانية و"دير شبيغل" الألمانية، حيث كتبت الأولى على غلافها "أهم استحقاق انتخابي في 2023"، واصفة أردوغان بـ"الديكتاتور" وبأنه "يجب عليه الرحيل".
إلا أن الخطأ الكارثي، وقعت به مجلة "دير شبيغل" الألمانية الرصينة وأثارت غضباً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي في تركيا، وذلك بسبب صورة غلاف عددها، الذي ظهر فيه هلال مكسور وعرش محطم يجلس عليه الرئيس أردوغان، وهو ما رآه كثيرون إساءة كبيرة إلى تركيا وللعالم الإسلامي الذي يعتبر الهلال رمزاً له.
الصحفي "كريستوف شاتس" من صحيفة شتوتغارتر تسايتونغ أكد أنه من المستغرب جداً أن صحفاً لها سمعتها وتتصف بأنها مؤسسات إعلامية متوازنة تقع في مثل هذه الأخطاء المهنية الساذجة والمنافية للمهنية.
وفي حديثه لـ"أورينت نت" أكد شاتس الذي يعنى برصد مدى التزام المؤسسات الإعلامية بالمعايير المهنية والأخلاقية ومدى كسر القواعد الصحفية، أن الحماقة المهنية التي وقعت بها المؤسسات التي تدخلت بالشأن التركي لصالح أحد المرشحين ضد آخرين سوف تأتي بنتائج عكسية لأنها أوصلت رسالة للشارع التركي بأن الإعلام الغربي يدعم مرشحاً على حساب الآخر، والجميع يعلم مدى حساسية الشارع التركي من التدخل الأوروبي وهو ما يعتبر من التابوهات لدى المجتمع بكافة أطيافه.
ولفت "شاتس" إلى أن أردوغان لم يقل كلمته الأخيرة، والمرحلة الثانية من الانتخابات التركية ستشهد تحقيق أردوغان فوزاً كاسحاً على منافسه، والحملة الإعلامية الغربية تكون أجهزت على أحلام كليجدار أوغلو بسبب حماسها غير المبرر له، وهو ما لم يستطع الناخب التركي أن يجد له تفسيراً واضحاً.
وأشار شاتس إلى أن أردوغان يحتاج في جولة الإعادة للانتخابات 1 بالمئة، إضافية من الأصوات للفوز، وتحتاج المعارضة إلى الحصول على أكثر من 5 بالمئة للفوز، وهو ما سيتحقق بسهولة لأردوغان فيما لو استمر الإعلام الأوروبي بارتكاب مثل هذه الحملة المفضوحة والواضحة والتي لا تنطلي على الناخب التركي.
واعتبر شاتس أن الإعلام الأوروبي لو بقي بعيداً عن الشأن التركي لكان ذلك أفضل للمعارضة، واستشهد بذلك عندما خسر أردوغان بلدية إسطنبول، أحد أهم المناصب التركية، أمام المعارض "أكرم إمام أوغلو" من حزب الشعب الجمهوري.
كما شدد على أن أهم خدمة قدمها الإعلام الغربي لأردوغان جاءت من مجلة "شارلي إيبدو" بصورة لا تحمل أي مدلولات سياسية بقدر ما تمثل أحقاداً شخصية ضد الرجل، ولعل تأثير هذه الصورة سيكون الأقوى لصالح أردوغان لأن العالم الإسلامي برمته يعتبر هذه المجلة لا تقدم أي مضمون هادف سوى رسوم عنصرية معادية للأديان، الأمر الذي سيصب في مصلحة أردوغان في المرحلة الثانية من الانتخابات.
واختتم شاتس كلامه لأورينت نت بالقول: ربما تريد وسائل الإعلام الأوروبية تخفيف وتيرة أخبار أوكرانيا وروسيا التي تجعل المتابع الأوروبي في حالة قلق وخوف، فكان المهرب الوحيد لهم هو الانتخابات التركية، لكن دون أدنى شك فإن الانتخابات التركية والمنافسة الشرسة على 1 بالمئة هي رد قاطع على أن الديمقراطية التركية مختلفة كلياً عمّا كانت عليه خلال حكم العسكر.
التعليقات (0)