في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2011 تمّ الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني السوري في إسطنبول، جاء ذلك في أعقاب محاولة سابقة لتشكيل إطار موحَّد للمعارضة مع التجمّع الرئيس الآخر في سورية، هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، التي أُنشِئَت في حزيران/يونيو.
بيد أن التحالف الوطني السوري الذي تلا ذلك، وأُعلِن عن تشكيله في العاصمة القطرية الدوحة في أيلول/سبتمبر، لم يتحقّق. بدلاً من ذلك، شُكِّل ائتلاف من الجماعات والأفراد، بمَن فيهم الموقِّعون على إعلان دمشق (2005)، وجماعة الإخوان المسلمين السورية، وفصائل كردية مختلفة، وممثّلو لجان التنسيق المحلية، وغيرها من الأحزاب السياسية أو المنابر مثل ربيع دمشق والكتلة الوطنية، وممثّلو الطائفتين العلوية والآشورية، وبعض الشخصيات المستقلّة. وبحلول آذار/مارس 2012، ادّعى المجلس الوطني السوري أنه يضمّ 90 في المئة من الأحزاب والحركات المُعارِضة، على الرغم من اعتراض هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وغيرها على هذا الادّعاء.
ثم انطلق مؤتمر جنيف 1 الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة بجنيف في الثلاثين من يونيو/ حزيران عام 2012، والذي حضره ممثلون عن القوى الإقليمية والدولية المعنية بالملف السوري، ليفضي المؤتمر إلى بيان عُرف لاحقاً ببيان "جنيف واحد"، والذي طالب بوقف العنف في سورية والإفراج عن المعتقلين وضمان حق التظاهر والتعبير للسوريين وانتقال البلاد إلى مرحلة انتقالية وصولاً لانتخابات حرة أو تعددية.
وفي 22 يناير/ كانون الثاني عام 2014 عُقِدت الجولة الثانية من مفاوضات جنيف، دون أن تفضي إلى أي نتائج جديدة، حيث فشل المؤتمر فشلاً كاملاً بالرغم من حضور أربعين دولة ومنظمة.
ثم عُقد مؤتمر الرياض 1 الذي عُقد بعد أيام قليلة من انتهاء اجتماعات جنيف، حيث ضم مجموعات المعارضة السورية، وشكلت هيئة عليا للمفاوضات، لتمثل هذه الهيئة المعارضة السورية في مؤتمرات جنيف، قبل نهاية عام 2015، لتنتهي الاجتماعات بالوصول إلى ما عُرف وقتها باسم "اتفاق فيينا" الذي نص حينها على أن تصل المفاوضات بين الأطراف السورية المتنازعة إلى تشكيل حكومة انتقالية "ذات مصداقية وشاملة، تحدد جدولاً زمنياً لكتابة الدستور جديد، بالإضافة لإجراء انتخابات حرة وعادلة وبإشراف الأمم المتحدة.
بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول 2015 تبنّى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2254 بالإجماع، وهو متعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سورية، وجاء القرار ليُحوّل اتفاق فيينا الذي توصلت إليه مجموعة الدعم الدولية الخاصة بسورية في نفس الشهر إلى قرار أممي.
وفي نهاية العام 2016، دعت روسيا وتركيا وإيران إلى جلسات تفاوضية في العاصمة الكزخية أستانة، لتعقد سبع جولات من المفاوضات أنتجت ما عُرف باتفاقات "خفض التصعيد" في مناطق سيطرة المعارضة السورية، بظل استمرار الخروقات للاتفاقات من قبل قوات النظام.
ثم جاء ما أسمته روسيا حواراً سورياً شاملاً في سوتشي، من أجل "كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات ومشاركة للمعارضة في السلطة"، ليكون هذا التصوّر الروسي بديلاً للمرحلة الانتقالية التي تحدث عنها بيان جنيف 2012.
ووفقاً لتقرير أعدته منظمة الرؤية العالمية، العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية فقد حصدت الحرب السورية أرواح 600 ألف سوري، علماً أن من بين هؤلاء 55 ألف طفل، كما تسبّب القتال في نزوح نحو 12 مليون شخص سواء داخل سوريا أو خارجها، وهو رقم يعادل نصف سكان البلاد. ويعتمد أكثر من 14 مليون سوري على المساعدات الإنسانية.
وإلى جانب الخسائر في الأرواح، فقد حُرِم آلاف الأطفال من التعليم والسكن والأمن والرعاية الصحية، ومن أسرهم.
وانخفض متوسط أعمار الأطفال بمقدار 13 سنة عن معدلات الأعمار المعتادة، كما تراجع معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية بمقدار 21 في المئة، وبالمدارس الثانوية بمقدار 28 في المئة، وقدر التقرير الكلفة الاقتصادية للصراع بنحو تريليون و200 مليار دولار، وهو ما يعادل ميزانية دول الاتحاد الأوروبي بأكمله لمدة عشر سنوات.
وهكذا وبعد إنفاق أكثر من ترليون دولار على إسقاط النظام تكاتف على جمعه النظام برفع أسعار المواد التي يأكلها الشعب السوري وعلى وسائل التدفئة والألبسة والمساكن وسائر تكاليف المعيشة ومن جيوب رجال المال والأعمال ومن فائض أموال النفط ومن غلاء الأسعار في إيران وروسيا وتركيا ودول "أصدقاء سوريا" ودول المنطقة وتحمل جماهير وفقراء هذه البلاد تكاليف الثورة السورية التي أفضت بانتصارها أو انتصار خصومها إلى إقناع الأسد على الموافقة على مرور خط الغاز العربي بالأراضي السورية مقابل استئناف الخدمات القنصليّة للدول العربية مع بلاده.
شكراً المجلس الوطني والائتلاف ومؤتمرات جنيف واتفاق فيينا ومؤتمر الرياض واحد ومؤتمر الرياض اثنين ومؤتمرات أستانة ومؤتمرات سوتشي وهيئة المفاوضات واللجنة الدستورية، يُضاف إليها إمبرطورية عزمي بشارة وأولاده للتجارة، والشكر قبل الأخير لوزراء خارجية الدول العربية للبحث في مسألة عودة النظام إلى الجامعة العربية وعودة سوريا إلى محيطها العربي.
والشكر الأخير لإيران التي وافقت على أن تكون المحطة الأخيرة لقطار التطبيع في جدة لا في محطة الحجاز.
التعليقات (33)