تؤشر التطورات المتلاحقة على صعيد التطبيع العربي مع نظام أسد إلى عودة قريبة للأخير إلى الجامعة العربية، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات عن مدى استفادة النظام من الخطوة، في ظل منظومة اقتصاد شبه منهارة وعقوبات أمريكية (قيصر) وأوروبية.
وتكثّف الجدل حول قدرة الأطراف العربية على تعويم بشار الأسد مجدداً، والشروع بمرحلة إعادة الإعمار، فيما تُحجم الولايات المتحدة وأوروبا عن الانخراط في هذه العملية، مشترطة قبل الموافقة البدء بحل سياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشأن سوريا.
مكاسب أسد
وتتباين القراءات بخصوص المكاسب التي سيجنيها نظام أسد من العودة للجامعة العربية، ويرى البعض أن مكاسب أسد ستكون كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
ويتفق مع هذا الرأي الكاتب والمحلل السياسي زياد الريّس، موضحاً لـ"أورينت نت" أن عودة النظام للجامعة تعني عودة العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول العربية.
وبرأي الريّس فإن الكيفية التي يدير بها أسد ما تبقى من اقتصاده، وقدرته على التحكم بعمليات الاستيراد والتصدير، من شأنها زيادة مداخيل العملات الأجنبية، علاوة على العائدات المالية التي سيجنيها النظام جراء عودة العمل باتفاقية تنظيم النقل بالعبور بين الدول العربية (الترانزيت)، حيث من المنتظر أن تعاود شاحنات البضائع من تركيا ولبنان استخدام الأراضي السورية للعبور نحو الخليج العربي.
ووفق الكاتب المطلع على عمل "الجامعة العربية"، فإن هذه المكاسب هي محط تفاوض الأطراف العربية مع نظام أسد، بحيث يُطلب منه مقابل هذه الامتيازات الالتزام ببعض البنود المتعلقة بالحل السياسي.
وبما يخص العقوبات (قيصر) المفروضة على أسد، وتعارض هذه الامتيازات معها، يقول الريّس: "لا فاعلية للعقوبات على الإطلاق، لأن الدول تحرص على ألا تقدم أي دعم عسكري أو أمني".
لكن هناك من يشير إلى دور العقوبات الأمريكية في تجميد إطلاق أي خطوة على صعيد عملية إعادة الإعمار، حيث ينص "قيصر" على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على نظام أسد والشركات المتعاونة معه، وهو ما يُفاقم من مخاوف أي طرف يرغب في دعم أسد اقتصادياً.
وثمة مكاسب سياسية سيجنيها نظام أسد في حال عودته إلى الجامعة العربية، من خلال عودة السفارات وفك عزلته، إلا أنها "غير كافية لإعادة إنتاج النظام على الصعيد الدولي" كما يرى المستشار السياسي لـ"التحالف الأمريكي من أجل سوريا" قتيبة إدلبي.
وفي حديثه لـ"أورينت نت"، يوضح أن مكاسب النظام من العودة للجامعة العربية لن تُعطي نظام أسد الشرعية السياسية خارج المنطقة، بمعنى أنه "من الصعب على الدول خارج المنظومة الإقليمية فتح أي علاقات دبلوماسية مع الأسد، لأن التعامل معه يجلب العار السياسي لأنه نظام إبادة، والكثير من الدول ستفكر ملياً قبل الإقدام على ذلك".
وبالعودة إلى المكاسب الاقتصادية التي سيجنيها نظام أسد من العودة للجامعة العربية، يرى إدلبي أن "من الصعب ترجمة التطبيع إلى مكاسب اقتصادية، فاليوم انتهى عصر تقديم الدعم الخليجي دون مقابل، فالدول العربية تتطلع للحصول على استثمارات مقابل الأموال، علماً أن الأسد رهن كل مقدرات الدولة لروسيا وإيران".
العقوبات الأمريكية حاضرة
وعلى حد تأكيد المسؤول في التحالف الأمريكي – السوري المعارض، فإن الحديث في واشنطن يتركز الآن حول توسيع قانون "قيصر"، مؤكداً أن "قيصر" وبرامج العقوبات الأمريكية الأخرى حاضرة بقوة.
لكن مع ذلك، يُقر إدلبي بأن التطبيع مع نظام أسد قد يخلق المزيد من الضغوط على الإدارة الأمريكية الحالية والقادمة.
في المقابل، يرى أيمن عبد النور الكاتب والسياسي والمعارض المقيم في الولايات المتحدة، أن من المبكر الحديث عن مكاسب النظام من العودة للجامعة العربية، لأن "كل الأنباء التي تتحدث عن ذلك لا زالت غير مؤكدة، ومصدرها مكتب تابع لوكالة عالمية في بيروت".
ويضيف لـ"أورينت نت"، أنه "حتى الآن لا وضوح لمسألة عودة النظام إلى الجامعة العربية، وسمعنا قبل أيام تأكيدات من أطراف عربية على عدم وجود اتفاق عربي أو إجماع على عودة النظام إلى الجامعة"، وذلك في إشارة إلى الموقف القطري.
وقبل أيام، كان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، قد أكد أنه لا يوجد حتى الآن إجماع عربي حول عودة نظام أسد للجامعة العربية.
وكانت وكالة "رويترز" تحدثت عن اعتزام المملكة العربية السعودية دعوة أسد لحضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض في أيار المقبل، وقالت نقلاً عن مصادرها إن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سيتوجه إلى سوريا في الأسابيع المقبلة لتسليم أسد دعوة رسمية لحضور القمة.
التعليقات (5)