فور توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن على قانون موازنة الدفاع الأمريكية للعام2023، المتضمنة قانون مكافحة مخدرات ميليشيا الأسد، ثارت التساؤلات عن جدوى هذا القانون في الحد من مكافحة اتجار الأسد ونظامه بالمخدرات، وعن جدية الإدارة الأمريكية بالتضييق على اقتصاد النظام غير الرسمي (المخدرات).
ويُعتبر القانون الذي وقّع عليه بايدن يوم الجمعة تجارة المخدرات المرتبطة بنظام الأسد تهديداً أمنياً عابراً، ويطالب الوكالات الأمريكية وبعض الوزارات وضع إستراتيجية مكتوبة خلال مدة أقصاها 180 يوماً، لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها، والشبكات المرتبطة بنظام الأسد في الداخل ودول الجوار.
وكذلك يقدّم القانون المعتمد الدعم للدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة، التي تواجه تهريب المخدرات إلى أراضيها وخاصة الأردن ومصر ودول الخليج العربي.
وتكمن قوة القانون الجديد في مدى جدية الإدارة الأمريكية بتطبيقه، وسط مخاوف من أن تغض الإدارة الطرف عن القانون كما فعلت مع قانون "قيصر" ،حيث منحت الاستثناءات لبعض الدول، ما أدى إلى زيادة الانفتاح الخارجي على النظام.
لكن تبقى ميزة قانون "قيصر" أنه أفشل للآن أي مسعى لجذب الشركات وجلب التمويل لمشاريع إعادة إعمار في مناطق سيطرة النظام، وهذا يعني أن القانون الجديد سيؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة متاعب الأسد الاقتصادية، من خلال حرمانه من جزء كبير من أرباح تجارة المخدرات (الكبتاغون).
المهمة صعبة
ويميّز الباحث في الشؤون الأمريكية، عبد الرحمن السراج، بين قانون "قيصر" وقانون "مكافحة مخدرات نظام الأسد، من حيث تعقيدات المهمة الملقاة على عاتق الولايات المتحدة، قائلاً لأورينت نت: رغم نجاح النظام السوري في الالتفاف على عقوبات "قيصر" إلا أن القانون يتعامل مع كيانات اقتصادية واضحة بعض الشيء، وهذا ما جعل تأثيراته جيدة نسبياً.
أما في حالة قانون المخدرات، فتتعامل الجهات الأمريكية مع شبكات سرية، وهذا ما يستدعي جدية أكبر من قبلها، ويستشهد الباحث بالتجربة الطويلة للولايات المتحدة في مجال مكافحة المخدرات القادمة من بعض بلدان الجوار الأمريكي اللاتيني.
ويقول السراج، إن الولايات المتحدة على مدار عقود لم تستطع توقيف تدفق المخدرات إلى أراضيها من الجوار، وبذلك يعتقد أن "مهمة مكافحة مخدرات الأسد ستكون صعبة، والمضي فيها يتطلب اهتماماً كبيراً من جانب الإدارة الأمريكية".
وفي السياق ذاته، يُقر رئيس منظمة "التحالف الأمريكي من أجل سوريا" الدكتور محمود برازي، في حديثه لأورينت نت، بصعوبة مكافحة مخدرات النظام السوري، نظراً للتعقيدات الكبيرة، ووجود عدد كبير من الشبكات المرتبطة بالأسد.
ويؤكد أن اعتماد القانون جاء بعد مرحلة طويلة من المداولات مع الإدارة الأمريكية، ويقول برازي: إن "القانون الآن بدأ من نقطة الصفر، ودورنا كمنظمات أمريكية هو حث الإدارة على عدم التساهل بتطبيقه، والتعاون لتذليل العقبات والصعوبات".
تأثير القرار على اقتصاد مليشيا أسد
وتعايش نظام الأسد مع العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة عليه، مستغلاً العديد من الثغرات والحيل للالتفاف عليها.
وحسب خبراء فإن مفاعيل القانون المتعلق بالمخدرات، قد تسهم في فرض الحظر الجزئي أو الكلي على الموانئ السورية التي تنطلق منها بعض شحنات المخدرات، ما يعني أن تأثير القانون لن يقف عند تجارة "الكبتاغون".
ويقول مؤسس ورئيس منظمة "سوريا طريق الحرية- أمريكا" الدكتور هشام النشواتي، إن القانون يأتي في إطار الضغوط الأمريكية على النظام السوري، وعلى وجه التحديد في الجانب الاقتصادي والمالي.
ويوضح لأورينت نت، أن تأثيرات القانون توجب على الدول التي أعادت علاقتها مع النظام أو التي تفكر للآن، مراجعة حساباتها، لأن سمعة الأسد باتت مقترنة بالمخدرات دولياً والخروج عن القانون والمجازر والأسلحة الكيميائية.
ويستدرك النشواتي بقوله: "لكن تحقيق ذلك يرتبط بقابلية الإدارة الأمريكية لتطبيق القانون، علماً أن الولايات المتحدة تُعدّ من أكثر الدول احتراماً لقوانينها".
ومع توقيع القانون، بدأت أوساط موالية للنظام الحديث عن احتمالية تأثر صناعة الأدوية سلباً من القانون، غير أن النشواتي يؤكد أن القانون الجديد لا يتداخل مع الصناعات الدوائية.
ويقول: "لكن نظام الأسد سيلقي باللائمة على القانون لتبرير فشله الاقتصادي، كما يفعل عندما يحمّل قانون "قيصر" مسؤولية التدهور الاقتصادي ونقص المواد الغذائية والأساسية، علماً أن "قيصر" لا يمنع النظام من استيراد تلك المواد".
ويبدو أن القانون الأمريكي سيتوجه بالدرجة الأولى إلى دول الجوار، حيث تقدّم واشنطن الدعم المادي واللوجستي لعدد من الدول وفي مقدمتها الأردن والخليج العربي، لوقف أو للحد من تدفق المخدرات إلى أراضيها، ما سيؤدي إلى خسارة النظام لبعض أسواق التصريف.
التعليقات (2)