لا توجد كلمات تستطيع أن تعبر عن الحال المأساوي، الذي وصل إليه السوريون اليوم في مناطق انتشارهم بالداخل والخارج، غير أن أكثرها مأساوية تلك المناطق التي تسيطر عليها ما يسمى "الدولة السورية"، وما يسميها معظم السوريين حكومة ميليشيا أسد.
وبعيداً عن التوصيفات والتسميات التي قد يختلف عليها السوريون، لكنهم بالتأكيد لن يختلفوا على الواقع السوداوي الذي أوصلتهم إليه تلك "الدولة" وتعززه الأرقام الكارثية الصادرة عنها، وليس هذا فحسب فالمتوقع دائماً هو الأسوأ.
8 أرقام كارثية والقادم أسوأ
وتستعرض هذه المادة 8 أرقام كارثية يعيش السوريون بظلها اليوم في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الأسد، والبداية كلفة نقل البضائع والبشر بين المحافظات السورية.
1- النقل والمواصلات
بيّن عضو لجنة تجّار ومصدري الخضروات والفواكه بدمشق أسامة قزيز أن أجرة نقل السيارات المحملة بالخضر المتنوعة من محافظة درعا إلى دمشق أصبحت اليوم 500 ألف ليرة سورية بعد أن كانت قبل أسبوع بحدود 350 ألف، في حين أن أجرة نقل السيارة المحملة بالحمضيات من طرطوس إلى دمشق أصبحت اليوم بحدود 900 ألف بعد أن كانت بحدود 600 ألف، بحسب صحيفة الوطن المحلية.
وعزا قزيز ذلك لشح مادة المازوت وارتفاع سعرها في السوق السوداء بشكل كبير، لافتاً إلى أن أجور النقل من سوق الهال إلى أحياء دمشق ازدادت بحدود 100 بالمئة منذ أسبوع عقب ارتفاع سعر المازوت.
2- البنزين: 3 أسعار
بقي سعر البنزين حتى عام 2015 لا يتجاوز الـ160 ليرة، ولكن بعد أربعة أعوام لم تكتفِ حكومة أسد برفع سعره وإنما قسمته لثلاث شرائح بثلاثة أسعار مختلفة.
ففي 30 نيسان 2019 أصبح للبنزين 3 أسعار، الأول للبنزين المدعوم والثاني للبنزين غير مدعوم (بيع مباشر) والثالث سعر للبنزين أوكتان 95.
أما المدعوم فكان سعره حينئذ (225 ل. س)، أمّا غير المدعوم فكان (375 ل. س)، والأوكتان بـ (600 ل. س).
هذه الأسعار رغم أنها كانت تعتبر مرتفعه حينئذ، ولكن ومع مقارنتها بالوقت الحالي، تعدّ رخيصة جداً جداً، حيث زاد السعر اليوم نحو 20 ضعفاً أو يزيد، ليصل السعر للعموم 4500 ليرة سورية، ومع ذلك فإنه غير متوفر الآن.
وليس هذا فحسب فقد أوجدت حكومة الأسد تصنيفاً جديداً للبنزين ووُضع تحت بند البنزين الصناعي بسعر التكلفة (5400 ل. س).
3- المازوت
وفيما يخص مادة المازوت فرغم أن حكومة الأسد رفعت سعره في تموز عام 2021 من 180 إلى 500 للمدعوم، غير أنه وصل اليوم في السوق السوداء إلى حوالي 3500 ليرة سورية، وذلك بسبب عدم توفر المدعوم منه، بعد تخفيض المخصصات حوالي 40 بالمئة من المدعوم.
وفي تقرير سابق نشرته الأورينت قبل أيام قليلة، كشف أن ما تبقى من المدعوم يستولي عليه ضباط وعناصر أمنية تابعة لميليشيا أسد، بحيث يجبرون أصحاب المحطات بالقوة على إفراغ مخصصات تعود للمواطنين من المحروقات في سياراتهم، ولا يستطيع أصحاب الكازية فعل شيء لهم خوفاً من التنكيل بهم، ثم يبيعونها لهم بأسعار السوق السوداء.
4- الغاز المنزلي
أما الغاز المنزلي فقد قفز سعر الجرة من 3850 في شهر آذار 2021 إلى أكثر من 31 ألف ليرة في الوقت الحالي، وهذا وفقاً لأسعار المؤسسات الحكومية، وأما السعر الحر فيتجاوز مئة ألف ليرة سورية إن وجدت.
5- الدولار
سجل الدولار في عام 2019، 650 ليرة سورية لكل دولار واحد، وهو اليوم وبعد 3 سنوات من ذلك التاريخ يسجل أكثر من 6000 آلاف ليرة أمام الدولار الواحد، بانهيار وصل إلى 10 أضعاف.
6- الأسعار
سيكتفي المقال بعرض مقارنة سريعة لأبرز السلع التموينية بين عام 2018 و2022، فقبل أربع سنوات كان سعر الأرز يترواح بين 400 إلى 600، أما الآن فيصل إلى حوالي 5000 آلاف ليرة، وكان السكر بـ300 ليرة أما الآن فيصل إلى 4500 وفق سعر وزارة التجارة الداخلية وليس بالسعر الحر.
وقفز البرغل من 450 ليرة إلى 3500 -4000 آلاف، وزيت القلي قفز إلى 15000 ألف بعدما كان اللتر الواحد بـحوالي 6 آلاف ليرة، والسمنة مثله .
وبالنسبة للمادة الأهم في سوريا وهي الخبز، فقد وصل سعر الربطة إلى 1300، وذلك بعدما تم استبعاد شرائح كثيرة من السوريين من الدعم بداية العام، بينما كان سعرها 200 ليرة للجميع في عام 2018.
7- الكهرباء
شللٌ خدمي كامل تشهده المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري. "لا كهرباء ولا ماء وحتى شبكات الاتصالات السلكية باتت خارج الخدمة".
وبالنسبة للكهرباء فقد وصلت ساعات التقنين إلى مستويات قياسية، ففي مدينة حمص وسط سوريا باتت ساعات تقنين الكهرباء ضمن معادلة "10 ساعات قطع مقابل ربع ساعة وصل" وفي مناطق أخرى بريف دمشق تكاد لا تأتي أبداً.
كما إن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ انقطعت شبكات الاتصالات السلكية في المقابل، بسبب انعدام المحروقات اللازمة لتشغيل مولدات المقاسم في عدد كبير من المناطق.
8- الراتب
في دراسة أجراها المكتب المركزي للإحصاء في سوريا، عام 2018 قال إن متوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية بلغ 325 ألف ليرة شهرياً (الدولار = 525 ليرة سورية)، وعلى هذا القياس فإن الأسرة السورية تحتاج اليوم إلى 3 مليون ليرة سورية، بينما أعلى راتب لا يتجاوز اليوم 250 ألف ليرة، وهو ما يساوي 42 دولاراً، أما الحد الأدنى للراتب فهو 92 ألف، أي ما يساوي 15 دولاراً.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يوجد نحو 6.9 مليون لاجئ سوري خارج البلاد، ويبلغ معدل الفقر داخل سوريا أكثر من 90%، ويحتاج أكثر من 13.1 مليون شخص داخل سوريا إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
ويعيش أكثر من 70 % من السوريين اليوم على حوالات أبنائهم وأقربائهم في الخارج ، وبحسب الخبير الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام عمار يوسف، الذي رجّح أن مبلغ الحوالات التي تدخل سوريا خلال اليوم الواحد يزيد عن 5 ملايين دولار.
ووفق دراسة أعدها مركز جسور للدراسات، يُقدَّر عدد المستفيدين من هذه التحويلات أكثر من 5 ملايين نسمة موزّعين على مختلف مناطق البلاد، وبمبالغ شهرية أو شبه شهرية تتراوح بين 125 و150 دولاراً كحد وسطي، أي بمجموع يتراوح بين 125 و150 مليون دولار، وتصل في رمضان إلى أكثر من 200 مليون دولار.
المصرف المركزي: شر البلية ما يضحك
ورغم أن كل الأرقام تشير إلى أن الراتب الذي يتقاضاه السوريون في مناطق سيطرة أسد ممن يسمونها الدولة لايكفي الأسرة السورية ذات الأفراد الـ 5 لأكثر من 3 أيام، (مع العلم أن أكثر من نصف السكان غير موظفين)، ورغم هذا يخرج مصرف سوريا المركزي اليوم بتصريح أقل ما يمكن وصفه وفقاً للمثل القائل شر البلية ما يضحك.
والتصريح يقول إن مصرف سوريا المركزي ينفي نفياً قاطعاً ما أشيع على وسائل التواصل حول احتمالية التأخر بتسديد رواتب العاملين في الدولة للشهور القادمة، واصفاً هذه الإشاعات بالكاذبة والمسمومة.
ولم يكتفِ بذلك بل طمأنَ السوريين الخائفين على رواتبهم العظيمة بقوله: "يؤكد المصرف على توفر السيولة الكافية لسنين وليس فقط لشهور، كما يطمئن المواطنين بوجود مخزون كافي من القطع الأجنبي"، مع العلم أن أحداً غير المصرف المركزي لم يشاهد هذه الإشاعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا التصريح فتح قريحة السوريين على السخرية، رغم كل ما يعيشونه من ألم ومأساة تزداد يوما بعد آخر، إذا لا حلَ يلوح بالأفق مع تعنت النظام وداعميه على المضي بحل سياسي سوري سوري وفقاً للقرار الدولي 2254، والذي حظي بموافقة مجلس الأمن كاملاً بمن فيهم روسيا الداعمة للنظام، خاصة أن الاتحاد الأوروبي وأمريكا رددوا عشرات المرات أنهم لن يدعموا هذا النظام اقتصادياً أو يساهموا في إعادة الإعمار أو رفع العقوبات الاقتصادية دون حل سياسي بمشاركة جميع السوريين ووفق القرار المذكور.
ورصدت أورينت بعض التعليقات الساخرة، حيث كان أبرزها" على اساس هي رواتب يلي عم تدفعوها"، "مابيستحو يقولو راتب"، "هلأ لوكنا عم ناخد رواتب اكيد المصرف كان فلس ومن زمان"، "رواتبنا لاتكفينا ليومين يعني بلاهن"، وعشرات التعليقات من هذا القبيل.
وتشهد مناطق سيطرة نظام أسد شللاً تاماً في أبرز القطاعات الحيوية، ولا سيما قطاعي النقل والكهرباء، والقطاع التعليمي والخدمي، حتى بدت شوارع معظم المحافظات السورية ومدنها خالية من السيارات وانتشرت العديد من الصور لوسائل نقل بدائية كالطنابر والحناتير.
التعليقات (6)