ربما لم تعد كلمات المفكر السوري عبد الرحمن الكواكبي التي قالها قبل نحو 150 عاماً عن الاستبداد في كتابه الشهير "طبائع الاستبداد" كافية لوصف ما يفعله بشار الأسد اليوم في سوريا والسوريين، إذ لم يكتف الأخير بإفساد العقل والعلم والدين، بل تعدى ذلك إلى اللعب بالأعراض والأنساب وتشريع الزنا في البلاد والترويج له رسميا.
وجاء ذلك، أمس عبر مرسوم جمهوري نشرته وكالة الأنباء الرسمية لنظام أسد سانا وصفحة ما يسمى الجمهورية السورية.
ونص مرسوم بشار الأسد حرفيا على الآتي: تعدل المادة (28) من القانون رقم (13) لعام 2021 لتصبح على النحو الآتي:
أ- لا يجوز تسجيل مولود من زواج غير مسجل إلا بعد تسجيل الزواج أصولاً
ب- إذا كان المولود غير شرعي لا يذكر اسم الأب أو الأم أو كليهما معاً في سجل الولادة إلا بحكم قضائي.
ج- إذا ثبت بوثائق رسمية بنوّة المولود غير الشرعي لوالدته يسجل في سجل الولادة مباشرة.
وبينما عرقل التعديل المقرر في المرسوم تسجيل الأبناء من الزواج الشرعي، دون أن يكون قد تم تثبيته أصولاً، سمح بالنص بتسجيل الأبناء من زواج غير شرعي بمجرد وجود وثيقة تثبت عائدية الطفل لوالدته، وهذه الوثيقة قد تتوفر من أي مشفى أو مركز صحي.
بشار الأسد يروّج للزنا رسمياً
يقول المحامي السوري فهد القاضي إن هذا التعديل مشتق من القانون الإيراني الذي يعالج مشكلة الأبناء الذين يأتون من زواج المتعة أو من ولادات خارج مؤسسة الزوجيه.
وأضاف في اتصال هاتفي مع أورينت نت أن أبعاد هذا التعديل كارثية على المجتمع السوري وسيؤدي إلى ضياع الأنساب وتفتيت المجتمع أخلاقياً واجتماعياً وتفكيك بنية الأسرة السورية.
سبب إصدار المرسوم
وعن سبب إصداره يوضح القاضي أنه جاء للتغطية على كارثة باتت متفشيه في المجتمع السوري في مناطق سيطرة النظام، حيث آلاف الحالات من الولادات جاءت نتيجة علاقات جنسية غير شرعية بما يعرف بالمساكنة وزواج المتعة.
ويتفق المستشار القانوني خالد شهاب الدين مع رأي المحامي فهد القاضي، مضيفاً أن هذا القانون الذي أصدره بشار الأسد هو تشريع رسمي للزنا والترويج له بحجة إيجاد مخرج للأطفال الذين جاؤوا بطريق غير شرعي.
ولفت شهاب الدين إلى مسألة أخرى غاية في الأهمية، وهي أن النظام ومن خلال هذا التعديل سيصبح بإمكانه إعفاء مجرميه وجلاديه من أي مسؤولية عن الأطفال الذين جاؤوا عن طريق اغتصاب السوريات في سجونه وأقبية فروعه المخابراتية.
خالد شهاب الدين: القانون نافذ ولا دور لمجلس التصفيق
ورغم الاتفاق بأن مجلس الشعب، معطل في سوريا منذ 50 عاماً، لكن المستشار شهاب الدين، أكد أن هذا التعديل قد مرّ على المجلس، ومصادق عليه إذ حمل صفة مرسوم تشريعي، وهو نافذ الآن وفق صيغته الحالية، التي تعتبر جريمة كبرى بحق سوريا التي لم تعد موجودة في ظل هذا النظام المجرم المستبد، كما وصفه.
وكان الكاتب السوري المعروف فؤاد حميرة، قد لفت في منشور له قبل أيام إلى معلومة قد تكون غائبة عن أذهان كثير من السوريين، أوضح من خلالها حجم الدمار الذي سببه نظام الأسد الأب والابن لسوريا وتاريخها وحضارتها.
فكتب: هل تعلم أن مجلس الشعب هو السلطة التشريعية في سوريا؟ وهل تعلم أن هذ المجلس لم يصدر عنه تشريع واحد منذ العام 1971 رغم أنه السلطة التشريعية ومناط به إصدار التشريعات؟ وهل تعلم أن عمله ينحصر في المصادقة على المراسيم المحالة إليه؟ وهل تعلم أن ذلك معناه أن مجلس الشعب معطل منذ خمسين عاما؟.
زواج المتعة في مناطق سيطرة أسد
يزداد انتشار زواج المتعة، - وهو نسخة موقتة من الزواج لا تقرّه أعراف السوريين ومعتقداتهم ويعتبرونه صورة أخرى للزنا- ، داخل مناطق سيطرة ميليشيا أسد خاصة تلك التي تشهد حضوراً عسكرياً لإيران أو لإحدى الميليشيات التابعة لها.
وفي عام 2018 تم توثيق أول حالة زواج متعة بالتزامن مع ثبات خطوط التماس بين قوات جيوش أربعة هي الأمريكية والروسية والتركية والإيرانية في أعقاب انحسار سيطرة تنظيم "داعش" وانهياره، ليصبح بشكل شبه علني في عام 2020، إذ تولت جمعية "شريعتي" الإيرانية ، جهود تكريس عقود زواج المتعة عبر اتخاذها سلسلة من الإجراءات المشجعة على ذلك، أهمها افتتاح مكاتب رسمية لتسجيل زيجات المتعة في العاصمة دمشق، بالإضافة إلى تحديد أربعة فنادق في منطقة السيدة زينب لإتمام طقوس الزواج.
وبحسب تقارير إعلامية فإن جمعية "شريعتي" اتفقت مع فنادق في شارعي الحسين والتين في منطقة السيدة زينب لاستخدامها لإقامة المتزوجين زواج متعة من طريقها، مقابل رسوم تتقاضاها الجمعية لقاء الجهود التي تبذلها في تأمين رواد لهذه الفنادق.
وتفرض الجمعية على الزوج حجز غرفة في أحد الفنادق طيلة مدة عقد الزواج. وفي سبيل ذلك أبرمت الجمعية عقوداً إضافية مع فنادق أخرى في منطقة البحصة من العاصمة دمشق للإقامة بها من قبل الزوج غير الراغب بالسكن في فنادق الجمعية في منطقة السيدة زينب.
ولا يوجد أرقام رسمية للأطفال الذين يأتون نتيجة هذا الزواج المحرم في عقيدة السنة والجماعة (الأكثرية السورية)، لما له من مخاطر على الأسرة والمجتمع من ضياع للأنساب وانتشار للرذيلة، غير أن الكثير من التقارير المحلية والدولية سلطت الضوء على الأطفال المشردين في سوريا والمجهولي النسب وأنهم أصبحوا ظاهرة منتشرة بشكل كبير في مناطق سيطرة أسد عبر زواج المتعة والمساكة وبدرجة ثالثة عبر رجال الدواعش الذين تزوجوا من سوريات بعقود شفهية غير موثقة ثم غادروا البلاد أو تم قتلهم.
الدعارة في مناطق سيطرة أسد
وإلى جانب زواج المتعة، فإن أخبار الدعارة يومياً تتصدر صفحات وشبكات الإعلام الموالي الرسمي ، وذلك بسبب الفلتان الأمني وسيطرة الميليشيات وانتشار الفقر والمخدِّرات، ما أدى إلى تحوّل تلك المناطق إلى مرتع للجرائم وحوادث الانحلال الأخلاقي اللذين تحوّلا إلى ظاهرة.
ولم تعد ظاهرة الدعارة تقتصر على طبقة الشبيحة والمنحرفين اجتماعياً في مناطق سيطرة أسد بل وصلت إلى أعلى المستويات، إلى أساتذة الجامعات، فمنذ عام ومنذ عام 2016 وبين الفينة والأخرى، تظهر إلى العلن فضائح وقضايا فساد أكاديمية وجنسية في الجامعات السورية الخاضعة لسيطرة ميليشيا أسد، كان أبرزها عمليات ابتزاز جنسي مارسها أستاذ جامعي في قسم علم الاجتماع يُدعى علي بركات بحق طالبات مقابل إنجاحهن في المقررات التي يُدرِّسها.
وقبل يومين فقط كشفت شبكة محلية خيوط فضيحة أخلاقية جديدة لأستاذ جامعي في كلية الزراعة بجامعة دمشق يقوم بابتزاز الطالبات جنسياً مقابل النجاح، وقبلها بأسبوعين فقط تداول ناشطون بالفيديو فضيحة لعميد كلية الآداب بجامعة البعث، وهو أو كما قيل رئيس اتحاد الطلبة يمارس الدعارة على مكتب العميد مع إحدى الطالبات.
التعليقات (13)