لم تجد الموظفة والأم الخمسينية ترياق صقور من ريف بانياس بمحافظة طرطوس، سوى الانتحار لتشق به حاجز الصمت، معلنة من خلاله التمرد على القهر والظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الموالون في ظل نظام الأسد، الذي أغرق البلاد بعشر سنين حرب أشعلها بين السوريين تحت شعار الأسد أو نحرق البلد.
ولكن نظام الأسد، ضنّ عليها حتى بالانتحار، عندما خرج ليقول إن السيدة ترياق توفيت جراء سقوطها من الطابق السابع.
وذكرت وزارة داخلية أسد على صفحتها الرسمية أنه في الساعة 10.15 من تاريخ 28/6/2022 أعلم مدير منطقة القدموس من قبل إدارة جامعة الأندلس بالقدموس بوفاة المدعوة (ترياق صقور) تولد 1974 موظفة بكلية التمريض إثر سقوطها من الطابق السابع لمبنى الجامعة – كلية التمريض.
وليس ذلك فحسب بل بذلت جهداً كبيراً في الكشف عن سبب الوفاة ليخرج معها بالنهاية أنه ناتج عن توقف القلب والتنفس التالي للأذية الهرسية الشديدة للدماغ بفعل الكسور المتعددة بعظام الجمجمة، وكأن الذي يقفز من الطابق السابع قد يموت من الشبع أو الاختناق بالماء!
ولكن ما خشي إعلام أسد أن يذكره، لم يعد يمكن إخفاؤه في عصر السوشال ميديا والتواصل الاجتماعي، حيث ذكرت صفحات موالية أن السيدة ترياق قررت الانتحار بسبب القهر والفقر والضغط النفسي الذي أصبح الحال الطبيعي للغالبية العظمى ممن يعيشون في مناطق سيطرة أسد من موالين وصامتين.
وروت صفحة جيفارا طرطوس وغيرها قصة موت السيدة ترياق قائلة إنها ذهبت إلى قسم المحاسبة في جامعة الأندلس الخاصة في حمص، حيث تعمل لقبض راتبها المتأخر 3 أشهر، وطالبت به وعندما امتنعوا عن تسليمه قالت لهم إن أطفالها جائعين وإنها قد تنتحر إن لم يعطوها الرواتب، ليرد عليها الموظف بكل برودة أعصاب:" أي انتحري شو منعمل"، وهو ما قامت به فعلاً، حيث صعدت إلى الطابق السابع في الجامعة ورمت نفسها.
وبحسب الصفحة فقد بررت الجامعة ما جرى بأن الموظفة تعاني من حالة نفسية مضطربة، وعلقت أنه التبرير الذي أصبح معروفاً في مثل هكذا حالات.
وخلال النصف الأول من العام الجاري سجلت مناطق سيطرة أسد العشرات من حالات الانتحار، واعترف زاهر حجو رئيس الطبابة الشرعية في حكومة ميليشيا أسد بـ 64 حالة.
وقال في تصريح لإذاعة ميلودي إف إم الموالية إن سوريا سجلت64 حالة انتحار خلال ستة أشهر بمعدل 12.8 حالة شهرياً، بينما تشير الإحصاءات غير الرسمية إلى أرقام أكبر من ذلك بكثير.
وزادت ظاهرة الانتحار بشكل لافت في سوريا خلال الأشهر الماضية، ولا سيما مناطق سيطرة ميليشيا أسد، وطالت أشخاصاً من جميع الفئات بحسب ما وثق الإعلام والصفحات الموالية.
وتقف الضغوط الاقتصادية بشكل رئيسي وراء تلك الظاهرة، وخاصة فئة الشباب، في ظل انعدام بوادر المستقبل المنتظر للسوريين في تلك المناطق.
وبينما تعيش مناطق سيطرة أسد في أسوأ حالاتها، حيث لا مواصلات ولا كهرباء بسبب عدم توفر الوقود، إضافة إلى ارتفاع خيالي في أسعار المواد الغذائية، وينتحر السوريين من الجوع والفقر والضغوط النفسية، تجد نظام الأسد ينفق أكثر من 10 ملايين دولار يومياً على حربه ضد السوريين، بحسب دراسة لمركز جسور، رافضاً الانخراط في عملية سياسية وفق القرار 2254 أقرها مجلس الأمن، وتحث عليها غالبية الدول العربية على تطبيقه، فضلاً عن أوروبا وأمريكا ومعظم دول العالم.
التعليقات (21)