"ضاع شقى العمر، والمصيبة الكبرى أن رأس المال هو بالشراكة مع بعض الأقارب، ويتوجب علينا دفع عشرة ملايين ليرة سورية من المبلغ المتبقي لأصحاب الأرض" بهذه الكلمات يلخص أحد المزارعين من قرية تيزين -غرب مدينة حماة 10 كم- مصيبته بعد أن التهمت ألسنة اللهب كامل محصول القمح الذي كان من المفترض أن يحصده بعد أيام قليلة من الكارثة.
يوم الإثنين 6-6-2022 أدت خلافات بين تيارات مختلفة من الشبيحة في قرية الربيعة الموالية غرب حماة إلى قيام أحدهم بإضرام النار بحقل قمح تعود ملكيته لمجموعة تشبيحية أخرى من نفس القرية، إلا أنه ولسوء حظ المواطنين البسطاء من قرية تيزين والذين يمتلكون أراضي متاخمة لأراضي قرية الربيعة كانت الرياح متوسطة الشدة ما أدى لانتشار النيران في الحقول المجاورة وأتت على مساحة تقدر بمئات الدونمات من القمح لمزارعين من قرية تيزين (لا علاقة لهم بخلافات الشبيحة) لكن هيمنة الشبيحة على المنطقة جعلهم "يبتلعون الموس على الحدين" كما في الموروث الشعبي ويسكتون رغم معرفتهم بالفاعل.
صراع على القمح
فقدَ المزارع أحمد -اسم وهمي حفاظاً على سلامته- أكثر من 90 دونماً، وبالمثل فقد العديد من المزارعين محاصيلهم من القمح في قرية تيزين، يقول لـ"أورينت نت": "في كل عام نعيش شهرَي أيار وحزيران بقلق كبير حتى نحصد القمح لأننا نتوقع أن تصفية حسابات أطراف ما في القرى المجاروة سندفع ثمنها نحن".
ويضيف أحمد أن نفس الموضوع يحصل في قرى ريف حماة المجاروة لقرى الشبيحة، حيث أخمد عناصر الدفاع المدني بالتعاون مع عناصر الإطفاء والزراعة بنفس الفترة التي نشبت بها حرائق تيزين، حريقاً بمحاصيل زراعية من القمح على مساحة تزيد عن 10 دونمات في أراضي قرية الحصوية على طريق حمص _ حماه بريف حمص الشمالي.
ولفت أحمد أن حريقاً اندلع في قرية الحردانة بريف مدينة سلمية حيث التهمت النيران ما يقارب 20 دونماً من الشعير، ونفس الأمر حصل في قرية الجلمة بريف محردة، وكانت النتيجة خسارة نحو 50 دونماً من القمح.
وأكد أحمد أن حرائق تيزين هي الأكبر لأن أطرافاً من الشبيحة منعت وصول سيارات الإطفاء وصهاريج المياه في الوقت المناسب إلى موقع الحريق.
حرائق متعمدة
المهندس الزراعي عبد الكريم المصري أكد لـ"أورينت نت" أنه على مدى أعوام الثورة الإحدى عشرة، لم يسلم خبز السوريين من استهداف النظام، وكان جزء من خطة تجويع وتهجير السوريين أن سلم النظام ميليشيا "قسد" "سلّة سوريا الغذائية"، وحرم بذلك السوريين من غذائهم.
وأضاف المصري أن حكومة ميليشيا أسد لم تتردّد في إشعال حرائق هائلة في حقول القمح في مناطق سيطرتها بشكل ممنهج ومتعمّد عبر شبيحتها لتدّعي بعدها أنّها تحاول دعم السوريين في مواجهة ضائقتهم الاقتصادية من خلال رفع سعر القمح والسلع المدعومة.
وفي وقت سابق قال وزير الزراعة في حكومة ميليشيا أسد، محمد حسان قطنا: "إنّ قطاع الزراعة تأثر بالظروف المناخية، حيث خسرنا العام الماضي ما لا يقل عن 3 مليون طن من الإنتاج، بسبب عدم هطول الأمطار، لكن هذا العام، إذا بقيت وتيرة الهطول على هذا النحو، فسيكون الوضع مطمئناً، وسنحصل على 5 ملايين طن من الحبوب، تغطي نسبة لا بأس بها من احتياجنا الغذائي، تتضمن الشعير والبقول، والأهم محصولنا الإستراتيجي القمح".
وبحسب كلام المسؤول في نظام الأسد، تمّ خلال العام الماضي إنتاج "حوالي 1.9 مليون طن، لم يُسوَّق منها للنظام سوى 360 ألف طن، بينما تم هذا العام زراعة حوالي مليون ونصف المليون هكتار، أي كامل المساحة المخططة للري، و80% من المساحة المخططة للزراعة البعلية، بزيادة حوالى 400 ألف هكتار عن العام الماضي".
الجدير بالذكر أن سوريا حققت الاكتفاء الذاتي في 2006 و2007 بمعدل إنتاج بلغ 4.9 مليون طن، كأول دولة عربية تؤمن سلتها الغذائية، تقلّص إنتاجها اليوم ليصل إلى 1.2 مليون طن، بتراجع أكثر من 70% من حجم إنتاجها السابق، وهو الأدنى منذ 29 عاماً بحسب الأمم المتحدة.
التعليقات (0)