يرى كثيرون بأن الحديث عن إعادة تعويم الأسد وإعادة تأهيله لا جدوى منها، سواء عاد وشغل مقعده في جامعة الدول العربيّة أم لا. بداية الخراب كانت منذ انقلاب البعث على السلطة عام 1963 ومن ثم انقلاب حافظ أسد على حلفائه أي الانقلابيين أنفسهم، وصولا إلى حكم الوريث بشّار واستمرار حقبة حكم نظام أقلّوي قائم على سطوة الأجهزة الأمنية.
ولعل من نافل القول التأكيد على أن الحديث لا يقتصر على الحياة السياسية وانعدام الأمل بوجود تعددية سياسية وأحزاب مستقلة، بقدر ما ينسحب على الحياة الاقتصادية التي تم حصرها بفئة ضيقة تعمل بولاء مطلق لعائلة أسد. ثمّ وضع إيران يدها كلّيا على البلد وعلى القرار السوري بعد 2011.
ولعل أخطر ما يقوم به النظام اليوم هو القضاء على ما تبقى من نسيج اجتماعي للبلد، في محاولة منه -وبتوجيه من إيران- إلى تغيير اللاعبين المحليين من رجال الأعمال برجال أعمال من الطائفة الشيعية سواء من سوريا أو لبنان أو العراق وبالتأكيد من إيران، حيث كشفت "أورينت نت" من قبل عن تأسيس شركات إيرانية داخل سوريا.
ومؤخرا حصلت "أورينت نت" على (صورة) من قرار تأسيس شركة "سنوسيج" في دمشق، والعائدة ملكيتها إلى كل من محسن محمد محسن من بلدة الفوعة ذات المكون الشيعي، وإلى اللبناني حسن محمد شاهين، وهو شيعي ينحدر من منطقة برج حمود في بيروت، بغرض استيراد وتصدير كافة المعدات وأجهزة الاتصالات الخليوية والمعدات والأدوات الكهربائية.
ويرى المحلل الاقتصادي سعيد خدام الجامع بأن هذا النوع من الشركات هو محاولة من إيران لخلق اقتصاد واحد في الدول التي تهيمن عليها بحيث يكون لديها شبكة اقتصادية تديرها من طهران وتنشط في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وأضاف خدام الجامع أن الأضرار الجسيمة التي ستلحق بالبنية الاقتصادية كبيرة جداً جراء هذا النوع من الشركات وهي أكبر على المستوى المجتمعي، وبالتأكيد ستلحق الضرر بالموالين قبل المعارضة، لأن رامي مخلوف بقي يتحكّم طوال عشرين عاما بمفاصل الاقتصاد السوري (السوق الحرّة في المطار وغير المطار، قطاع الاتصالات وقطاعات أخرى تشكل مصدر دخل مالي لشركاته وشركائه) وقبله والده محمد مخلوف وكانت نسبة من هذه الأرباح (بعض الفتات) تصل للطائفة العلويّة، لكن هذا لم ولن يعد موجودا مع التوجه الجديد لشكل الاقتصاد المذهبي والذي يخص الطائفة الشيعية ويستثني الجميع بمن فيهم العلويون.
ويؤكد خدام الجامع بأن إيران هي العامل المشترك بتعثر اقتصادات الدول المذكورة، حيث لا حدود للانهيار في الاقتصاد اللبناني مع صدور تسعيرة جديدة لسعر الصرف صباح كل يوم. وكذلك الأمر لا حدود لانهيار الاقتصاد السوري، والكارثة تتضاعف وتصبح المشكلة مركبّة مع هذا النوع من الشركات، وهذه التجربة الكارثية في حال تم تعميمها على نطاق أوسع.
ويختم خدام الجامع بأنه "لا نبالغ إذا قلنا بأن تعميم مفهوم هذا النوع من الشركات هو الهدف الإستراتيجي الذي تخطط له إيران منذ سنوات، حيث استغلت ثورات الربيع العربي قبل أحد عشر عاما كي تباشر عملية تغيير ديموغرافي في العمق السوري تحديدا. وما زالت هذه العمليّة التي تستهدف أهل السنّة والمسيحيين والدروز مستمرّة، لإعادة ترتيب المجتمع بما تراه يخدم مشروعها الكبير في المنطقة، وتأسيس شركات مذهبية لا تقل خطورة عن الميليشيات المذهبية التي تسلحها".
التعليقات (0)