وفي أسبوع، وصل الفياض دمشق، ووصلها كذلك كبير مساعدي وزير خارجية إيران أصغر خاجي، وذلك بعيد اختتام رئيس "مكتب الأمن الوطني" التابع للنظام اللواء علي مملوك زيارته لطهران.
جاء ذلك، في وقت سرت فيه أنباء عن تحقيق تقدم حقيقي في المفاوضات بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وكذلك بعد بدء روسيا اجتياح أوكرانيا، وبدا أن إيران تعمدت تبادل الزيارات مع نظام أسد في هذا التوقيت، لإرسال رسائل لأكثر من طرف.
وحول الرسائل، وأهداف زيارة الفياض لدمشق، يشير الكاتب والأكاديمي العراقي عبد الرزاق الدليمي، إلى العلاقة الشخصية المتينة التي تربط الفياض بأسد، مؤكداً أن "فياض هو خير من يرتب الأجواء مع النظام السوري".
تعزيز الموقف التفاوضي الإيراني
ويضيف لـ"أورينت نت" أن "نظام طهران يريد ومن خلال ذيوله في العراق المحتل أن يرتب أوراقه ويقوي موقفه التفاوضي عبر تنسيق المواقف في بغداد ودمشق".
ويقول الدليمي، إن "نظام طهران يريد أن يوصل رسالة إلى الآخرين بأنه لا يزال يشكل الرقم الأهم في المنطقة وأنه المحرك لبيادقها"، لافتاً إلى أن "الفياض يمتلك سلطات عسكرية وأمنية وصلاحيات كبيرة بما فيها الجانب المالي، بحكم مسؤوليته عن الميليشيات التي تستولي على أكثر من 2.5 مليار دولار أمريكي سنوياً".
وهنا يشير الدليمي إلى ما يعانيه نظام أسد نتيجة العزلة الدولية، لا سيما وأنها تزايدت بعد إعلان دمشق عن تأييدها للغزو الروسي لأوكرانيا، ويقول: "النظام السوري أحوج ما يكون في هذا التوقيت إلى الدعم السياسي وربما المالي".
وأينما حل الفياض، تحضر الملفات الأمنية والاستخباراتية، ما يدفع بمراقبين إلى وضع الزيارة في إطار تحضر إيران لتطورات متسارعة وقد تكون طارئة، بسبب تفجر الوضع في أوكرانيا، وزيادة التوتر بين الغرب وروسيا، واحتمالية وصول تداعيات ذلك إلى سوريا، التي تسجل وجوداً عسكرياً غربياً (التحالف الدولي) بقيادة واشنطن، وروسيا.
وكما هو واضح، فإن إيران تسعى حالياً إلى تحييد الملف السوري عن تداعيات محتملة وخطيرة لما يجري في أوكرانيا.
استغلال لانشغال روسيا
وثمة من يضع زيارة الفياض في إطار طموح وتخطيط إيران لاستغلال انشغال روسيا بحربها على أوكرانيا، بتحصيل أكبر قدر من المكاسب العسكرية والأمنية والاقتصادية في سوريا، وخصوصاً في حال إنجاز الاتفاق النووي في فيينا.
وأغلب الظن، حسب الكاتب والمحلل السياسي، فراس علاوي، أن زيارة الفياض والزيارات الموازية والمتبادلة لمسؤولي النظام وإيران، تأتي في إطار تحضر طهران لمرحلة ما بعد التوصل لإحياء الاتفاق النووي.
وتركيزاً على زيارة الفياض لدمشق، يشير علاوي إلى وجود عدد غير محدود من الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني و"الحشد الشعبي" العراقي في سوريا، ويقول: "تتحضر الميليشيات لإعادة تموضعها في شرق سوريا، والزيارة في خدمة هذا الغرض".
إظهار سطوة إيران في سوريا
وفي السياق ذاته، يرى الباحث المشارك في "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية" ( أفايب)، مصطفى النعيمي، في استقبال رأس النظام بشار الأسد متزعم ميليشيا أجنبية "مغالطة بروتوكولية" متعمدة من جانب إيران.
ويوضح لـ"أورينت نت"، أن إيران تقصدت أن ترسل الفياض التابع لها، وأن يستقبله الأسد، لإظهار حجم نفوذها في سوريا، وأن الأخيرة تدار من خلال طهران شأنها شأن بقية المحافظات الإيرانية.
وفي آب الماضي، أحدثت زيارة الفياض لدمشق جدلاً واسعاً بعد أنباء عن تسليمه بشار أسد دعوة من رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، لحضور قمة "دول جوار العراق"، وهو ما نفاه العراق رسمياً.
ويعرف الفياض بأنه ذراع إيران الأمنية في العراق، وفي كانون الثاني2021، أعلن "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات ضده في العراق، وإدراجه على القائمة السوداء بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان والفساد.
التعليقات (0)