غير أن تلك الجريمة لم تلق أي اهتمام من قبل إعلام أسد، مقابل الاهتمام منقطع النظير في جريمة مقتل الشابة آيات الرفاعي قبل أيام على يد زوجها وأهله في العاصمة دمشق، رغم أن الجريمة لا تقل قساوة وأهمية عن مقتل الضحية آيات، لا بل تزيد، فقتل الزوجة يبقى أقل قساوة ووقعاً على المجتمع من قتل الأب من قبل أبنائه وزوجته.
وبالعودة للجريمة فقد نشرت صفحة شخصية تحمل اسم " الفينيق الأحمر" ، صورة للمقتول وعلقت عليها "المغدور حسن خضور تم تهشيم رأسه بفأس تحطيب الأشجار ..الموقوفون على ذمة التحقيق ستة هم، زوجته وبناته وابنه وشقيق زوجته".
وأضافت الصفحة يتمنى ذووه أن لا يضيع دمه بتحميل الجريمة لفرد واحد، والهدف منها هي التخلص منه والاستحواذ على ممتلكاته، فورثته الوحيدون هم خصومه.
ليست حالة منفردة
وهذه ليست المرة الأولى التي يهمل إعلام الأسد تغطية ومتابعة الجرائم التي تحدث في الساحل بشكل عام، فهو لم يتابع قضية الشخص الذي فجر صهره المحامي أمام قصر العدل بطرطوس كما فعل مع جريمة آيات، ولم يتابع قضية مقتل الطبيب كنان علي بريف اللاذقية ولم ينقل اعترافاته كما فعل مع آيات، ولم يتابع قضية المراهق الذي أحرق معلمته في اللاذقية والذي فجر قنبلة بأخيه وشقيقة زوجته في القرداحة، والقائمة تطول.
وقبل أن يبدأ جمهور الموالين بشتم الأورينت، فهذا السؤال لم تسأله القناة فقط، بل سبقها وفتح عينها عليه، صاحب حساب الفينيق الأحمر نفسه وهو من طرطوس، ونقل وقائع جريمة قتل الأب المروعة على يد أبنائه وزوجته، حيث كان أحد تعليقاته على الجريمة الآتي: "جريمة قتل المغدور حسن خضور في الشيخ بدر بمحافظة طرطوس لن يهتم الإعلام الفيسبوكي بها كما اهتم بجريمة قتل آيات الرفاعي (إلى الآن) وربما ليس لهم مصلحة بهذا النوع من الجرائم".
لماذا تهمل جرائم الساحل؟
الملاحظ أن الجرائم التي يهمل إعلام أسد الرسمي أو شبه الرسمي تغطيتها في الساحل، هي في الغالب جرائم اجتماعية، بينما يركز على تغطية هذا النوع من الجرائم في دمشق والمدن الداخلية الكبرى.
ويعزو رشيد حوراني المتخصص بعلم النفس والضابط المنشق عن الإدارة السياسية هدف نظام الأسد من التركيز على الجرائم الاجتماعية التي تجري بدمشق ومدن الداخل هو إظهار أن المجتمع السني والبيئة المحافظة المغلقة هي من تخلف الجرائم الاجتماعية من عنف أسري وجرائم أخلاقية وغير ذلك.
ولذلك فإنه إذا سلط الضوء على الجرائم التي تجري في الساحل وهو "المجتمع المنفتح"، - والكلام لحوراني- فلن يستطيع التسويق لفكرته التي يريد من ورائها إخفاء السبب الحقيقي لتلك الجرائم ولارتفاع نسبتها.
وبحسب المنظور النفسي يقول حوراني إن سبب تلك الجرائم الاجتماعية وازديادها في مناطق سيطرة أسد بشكل خاص هو تحول جيش النظام إلى ميليشيات وإعطاء صلاحيات واسعة للشبيحة من ضباط وعناصر يشاركونه القتال ضد السوريين، هؤلاء الشبيحة لم يحملهم عقلهم كما يقال بالعامية التمتع بتلك الصلاحيات، خاصة وأن الغالبية من خلفيات تعليمية وتربوية متدنية، ما جعلهم يرتكبون مختلف أنواع الجرائم حتى ضد أقرب الناس لهم.
كلام حوراني عززته غالبية الجرائم المرتكبة في مناطق الأسد خاصة خلال العامين السابقين، (الساحل والداخل)، فقاتل آيات هو عنصر بميليشيا الحرس الجمهوري، وقاتل الطبيب كنان علي في اللاذقية ضابط مهندس متفجرات، ومفجر قنبلة طرطوس أمام القصر العدلي هو عنصر بميليشيا الدفاع الوطني.
جرائم 2021
وتعاني مناطق سيطرة نظام أسد من انتشار الجرائم، فلا يكاد يمرّ يوم من دون وقوع جريمة، بسبب الانفلات الأمني وانعدام الأمان وانتشار المخدرات والسلاح.
وفي آخر إحصائيات الجرائم، اعترف زاهر حجو المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي التابعة لحكومة أسد بسقوط 414 ضحية، خلال عام 2021 منها 353 من الذكور و61 من الإناث.
يُشار إلى أن سوريا تصدرت قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة، كما احتلت المرتبة التاسعة عالمياً للعام 2021، وذلك بحسب موقع "Numbeo Crime Index" المتخصص بمؤشرات الجريمة في العالم.
التعليقات (1)