ومن الواضح أن القلق يساور نظام أسد، بعد الأزمة التي سببتها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، والتي جعلت بعض الدول تعيد تأكيد موقفها الرافض للتطبيع معه، وهو ما ظهر جلياً من خلال حديث وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان" من أن بلاده لا تفكر في التعامل مع نظام الأسد.
وعطّلت الأزمة اللبنانية الخليجية حسب التقديرات محاولات بعض الأطراف العربية لإعادة نظام أسد إلى الحضن العربي أو على أقل تقدير قامت بتأجيلها.
لبنان رئة أسد
وفي هذا الجانب، يقول المحامي اللبناني "طارق شندب": إن من المعلوم أن لبنان باتت رئة اقتصادية لنظام أسد ومنصة للالتفاف على العقوبات الأمريكية، وبالتالي فإن قطع العلاقات الخليجية مع حكومة ميليشيا "حزب الله" في لبنان، سيعود بالضرر على النظام والمحور الإيراني عموماً.
وأضاف لـ"أورينت نت" أن ميليشيا الحزب التي تتستر بالدولة اللبنانية كانت تستفيد كثيراً من المساعدات الخليجية، وتستخدمها لحساباتها الخاصة وتحديداً في سوريا.
وأشار شندب إلى أنه فضلاً عن ذلك، فقد أدّت الأزمة الأخيرة إلى زيادة رفع مستوى الوعي العربي الشعبي والرسمي بخطورة مشاريع إيران في المنطقة العربية، لافتاً إلى أن الأطراف الخليجية باتت تدرك تماماً أن أي دعم لحكومة ميليشيا "حزب الله" في لبنان، هو دعم لنظام الأسد في نهاية المطاف.
حسابات نسبية
أمّا الباحث والمحلل السياسي الدكتور "رضوان زيادة" فيرى في حديث مع "أورينت نت" أن نظام أسد لم يعد لاعباً إقليمياً بأي معنى من المعاني، ولذلك فإن حسابات الربح والخسارة عند أي مستجدّ لديه نسبية، موضحاً أن هذا النظام تحوّل إلى جزء من محور ميليشيات "حزب الله - إيران" وأن أي مكسب لهذا المحور هو مكسب للنظام أيضاً والعكس كذلك.
وتابع زيادة.. أن الأزمة ضاعفت من حجم الضغط على محور إيران بحكم أنها تؤثر على العمالة اللبنانية في الخليج، وبالتالي فإن تأثيرها على قواعد ميليشيا "حزب الله" سيكون كبيراً.
من جهته يقول الباحث في "معهد الشرق الأوسط " في واشنطن، الدكتور سمير تقي: إنه من حيث المبدأ يستحيل استمرار النموذج الراهن للدولة اللبنانية، لأنه ما زال كائناً طفيلياً يعيش على ريوع الأنظمة المغلقة في الإقليم على حد تعبيره.
ويضيف لـ"أورينت نت"، أن لبنان فقد دوره الوظيفي كمنصة للاقتصادات المغلقة والفاسدة في الإقليم لإعادة تدوير أموالها داخل الاقتصاد العالمي.
تسريع السقوط
ولفت " تقي" إلى أن لبنان كان نافذة لنشاط اقتصاد الظل والاقتصاد الأسود الذي تتشارك فيه الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة مع نظام الأسد، موضحاً أن البضاعة الأخيرة التي كان يبيعها لبنان في المنطقة هي الخبرات العلمية والإعلامية، وحتى هذه تأثرت بالوضع الاقتصادي الذي انعكس على جودة التعليم في الجامعات.
وبيّن "تقي" أن كل ذلك يعني انتهاء هذا النموذج في لبنان وسوريا، بحيث إذا غرق أي منهما يغرق الآخر، مضيفاً أن أزمة لبنان هي مجرد ظاهرة للأزمة البنيوية للنظامين (السوري واللبناني)، ودورها يكمن في أنها تسرّع التدهور الحتمي، بحيث لم يعد للأطراف الخليجية مصلحة ولا رغبة في إنقاذ وضع لا أفق له.
وتقدِّر مصادر لبنانية أن تحويلات المغتربين التي تصل إلى لبنان تقدر بنحو 7 مليارات دولار أمريكي، نسبة كبيرة منها تأتي من دول الخليج العربي، في حين يعتمد لبنان بنسب كبيرة على صادراته للخليج، وتوقف هذه القنوات الاقتصادية يعني حدوث كارثة في لبنان المتعب اقتصادياً أساساً، وزيادة في متاعب نظام أسد الذي تربطه علاقة عضوية بميليشيا "حزب الله" المسيطرة على المعابر والميناء والمطار في لبنان.
التعليقات (0)