وقال زياد الصائغ أحد المشاركين في إعداد الوثيقة، إن الوثيقة محاولة علمية لمقاربة معنى وجود المسيحيين ودورهم ليكونوا بُناة رجاء وشهود حرية وصانعي أمل، ومحصِّني سلام بالعدل، داعياً المسيحيين لمناقشة الوثيقة ودعمها بعيداً عن أي منمّطات مفاهيمية.
دعوة لرفض حلف الأقليات ومواجهة الأنظمة القمعية
وأضاف في افتتاح مؤتمر إطلاق الوثيقة، الذي تابع موقع أورينت نت فعاليته عبر البث المباشر: "لسنا أقليات ونرفض حلف الأقليات واستدعاء الحمايات. نحن ننتمي إلى أكثرية حضارية عربية متنوعة تتطلع إلى دولة مدنية ركنها المواطنة الفاعلة التي تصون التنوع وتعتني بالتعددية. نحن في نضال مستمر لتحقيق حياة وافرة وسلامية لإنساننا ومجتمعاتنا".
أما المشارِك الآخر البروفسور أسعد قطان فشرح أكثر عن أهداف الوثيقة ومقولتها الرئيسية، ومما قاله في هذا الخصوص، أن الوثيقة تحرّض المسيحيين على عدم الالتصاق بالأنظمة القمعية سواء أكانت عقائدية علمانية أم إيديولوجية ثيوقراطية أو إقطاعية عائلية، ويدعو المسيحيين للانحياز إلى قضايا الحريات والعدل وحقوق الإنسان والديمقراطية والتداول السلمي المنتظم للسلطة.
وفي تصريح خاص لموقع أورينت نت، قال ميشيل نصير أحد كتّاب الوثيقة، وهو لاهوتي من الكنيسة الأرثوذكسية: "إن الوثيقة هي دعوة للحوار بين الكنائس مع بعضها وبين الكنائس ومكوّنات المنطقة لإيجاد آليات حداثية لإدارة التنوع بعيداً عن القمع والاستبداد والفساد والتطرف".
وأضاف أن الوثيقة هي دعوة للشباب المسيحي من أجل الحوار مع أبناء المنطقة وعدم التقوقع على ذاتهم أو الدخول بتحالف أقليات لن يؤدي إلى الهدف المرجو، واستكمال المشروع الحداثي للنهضة العربية وتحقيق دولة المواطنة والقانون والحريات.
وثيقة "نختار الحياة"
وتطرح وثيقة "نختار الحياة" -التي اطّلعت عليها أورينت وتقع في 42 صفحة- توصيفاً أكاديمياً للوضع السياسي والثقافي في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، محاولة رسم دور جديد للمسيحيين العرب في تلك الظروف بالشكل الذي يتسق مع حضورهم التاريخي في المنطقة وأدوارهم السياسية والاجتماعية التي قدموها عبر قرون.
وتشير الوثيقة إلى ما جرى في السنوات الأخيرة من تغييرات كبرى شهدتها منطقة الشرق الأوسط التي عجّت بالحروب بالوكالة وإعادة إنتاج العصبيات الطائفية والمذهبية، وهو الأمر الذي عمّق شعور المسيحيين بالأقلية مقابل أكثرية مسلمة، ما يطعن نموذج التنوع والتعددية، مع لفت النظر إلى فشل مشروع النهضة العربية الذى ساهم فيه المسيحيون، وهو الأمر الذى نتج عنه تأرجح المجتمعات العربية بين الأصالة والحداثة.
كما تطرح قضية هجرة المسيحيين وغياب الديمقراطية في الشرق الأوسط التي تحمي الحقوق والحريات، ما يدفع الفرد إلى الاحتماء بالطائفة، الأمر الذي يؤدي إلى تورم الكتلة الكنسية على حساب الفرد، إضافة إلى نبذ الفساد والتطرف والعنف.
كذلك أشارت الوثيقة إلى الدور السياسي الذى تلعبه الكنائس، إذ تحاول منذ عقود تجييش المسيحيين ككتلة انتخابية لصالح النظام الحاكم. دون النظر إلى ضرورة تبني خيارات فردية تقوم على المواطنة وعلى الميل السياسي دون اختزال الأمر في المكسب الذى يعود على الطائفة جراء هذا الاختيار، بمعنى آخر أن يذهب المسيحي إلى صندوق الاقتراع دون أن يسأل نفسه: “ماذا سيربح المسيحيون من هذا الخيار؟" بل "هل هذا الخيار الأنسب للوطن أم لا؟"، ثم دعت تلك الوثيقة إلى تفكيك ما وصفته بعقدة الأقلية بين المسيحيين العرب والانطلاق نحو خيارات قوامها المواطنة والتعددية.
كما اهتمت الوثيقة بقضية الشباب والمرأة وضرورة عدم الإقصاء الذي تمارسه الكنيسة التقليدية ضد المرأة وكذلك عدم إقصاء الشباب من المجالس الكنسية التي تعج بالشيوخ.
وشارك في إعداد الوثيقة 11 رجل دين ومفكراً مسيحياً من مختلف البلدان العربية، وهم البروفيسور أسعد قطان دكتور في التاريخ الكنسي والآبائيات، والدكتورة ثريا بشعلاني الأمين العام السابق لمجلس كنائس الشرق الأوسط وأستاذ اللاهوت بالجامعة اليسوعية، وميشيل نصير لاهوتي من الكنيسة الأرثوذكسية، والأب غابي هاشم مدير دائرة العلاقات المسكونية بمجلس كنائس الشرق الأوسط، والقس متري الراهب، والقسسية نجلا قصاب، والقس جورج جبرا القبطي، والخوري خليل شلفون، والخوري روفاييل زغيب، وزياد الصائغ، والسيدة إميلي طنوس.
وبالنسبه للحضور، فبالإضافة للمشاركين في إعداد الوثيقة شهد المؤتمر سواء فيزيائياً أو عبر الزوم، عشرات رجال الدين المسيحيين واللاهوتيين والمفكرين والأساقفة من مختلف مناطق العالم، يتقدمهم القاصد الرسولي وهو الرتبة الممثلة للفاتيكان بالمؤتمر، والبطرك ميشيل صباح من فلسطين ، والبطرك ميشائيل ساكو من العراق، والسيدة فيولا الراهب من فلسطين، وآخرين.
التعليقات (5)