وكان نظام أسد قد حدد ساعات العمل للمحلات التجارية في دمشق حتى الساعة الثامنة مساء والمراكز التجارية من التاسعة صباحاً حتى الواحدة ليلاً، قبل أن يمدد في وقت لاحق ساعات العمل للمحلات حتى الساعة التاسعة مساءاً، والمراكز التجارية من السادسة صباحاً حتى الواحدة ليلاً، والمطاعم إلى الساعة الثانية ليلاً، بدلاً من الواحدة ليلاً.
وجاء القرار، ليعمق معاناة التجار الناجمة عن ضعف الحركة التجارية، بسبب تآكل القدر الشرائية للسوريين.
ووفق مصادر متقاطعة، يفتح القرار الباب واسعاً أمام تسلط دوريات الشرطة على أصحاب الفعاليات التجارية، وخصوصاً أن القرار يخول الدوريات فرض غرامات مالية على "المخالفين".
ومقابل "الاعتبارات التنظيمية" التي قدمها نظام أسد مبرراً للقرار، لا يبدو مقنعاً، تضع مصادر "أورينت نت" القرار في إطار مساعي النظام الهادفة إلى وقف تدهور الليرة السورية، من خلال خنق الأسواق لمنع زيادة الطلب على الدولار الأمريكي، وإن كان بشكل مؤقت، وتشير إلى تراجع قيمة الليرة في الفترة الأخيرة.
وتوضح المصادر المطلعة أن النظام يحاول الحدّ من المعاملات التجارية في مناطق سيطرته، وبقرار تحديد ساعات الافتتاح والإغلاق، يكون قد قلّص من حجم التعاملات التجارية.
وتدلل المصادر على صحة حديثها، بشطب النظام مئات المواد التي كان يسمح باستيرادها، وذلك لتقليل الطلب على الدولار.
الالتزام الأعمى
من جانبه، أشار الباحث الاقتصادي، الدكتور يحيى السيد عمر، إلى حديث أكثر من مسؤول تابع لنظام أسد، عن أن تحديد ساعات افتتاح وإغلاق المنشآت الاقتصادية، يسهم بتوفير الطاقة وتوجيهها نحو المنازل في ظل أزمة الكهرباء الخانقة، وقال لـ"أورينت نت": "هذا التبرير يحمل شيئاً من الدقة، إضافة لأهداف أخرى غير مباشرة، تتمثل هذه الأهداف في نشر ثقافة التقنين في كل شيء".
وحسب السيد عمر، "يعمل النظام على تعويد الشعب بشكل تدريجي على الانصياع التام للقرارات، كما هو الحال في الحياة العسكرية، بحيث يخطط النظام لتعويد الناس على الالتزام الأعمى، ومن جهة أخرى تسعى من خلال هذه القرارات لإشغال الناس عن أمور أهم وهي المعيشة والغلاء".
وأضاف أن "حكومة النظام توقعت أن يثير هذا القرار امتعاضاً عاماً، لذلك فرضت في البداية وقتاً ضيقاً، ولاحقاً تم زيادة الوقت وهذا ما يعطي الناس شعوراً بأن امتعاضهم تم أخذه بعين الاعتبار، فالقرار تم تسويقه على دفعتين وذلك لامتصاص الغضب، فبعد التعديل اعتقد الناس أنه تم تعديل القرار بناء على مطالبهم، ولكن في الحقيقة تم تمرير القرار من خلال أسلوب التجزئة".
وبحسب نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، عبد الله نصر، التابع لنظام أسد، يجب أن يعتاد المواطنون على التسوق خلال الفترة التي حُددت للفتح والإغلاق، مضيفاً "من الممكن أن يعاني المواطنون من هذا الموضوع لمدة أسبوعين ومن ثم من المؤكد أن يعتادوا عليه".
تطفيش السوريين
ومن شأن القرار وفق ما أوضح الصحفي شمس الدين مطعون، من دمشق، "تطفيش" المزيد من السوريين، موضحاً: " يحاول النظام دفع الأهالي بمناطق سيطرته إلى الهجرة، عبر التضييق على كل شيء، وما نلاحظه أن إجراءات السفر سلسة جداً، حتى للمطلوبين أمنياً، بحيث يتم دفع مبلغ مالي للموظفين ويستطيع المطلوب السفر".
وفي حديثه لـ"أورينت نت" أضاف مطعون أن "النظام يرى في هجرة السوريين حلاً لجزء من مشاكله الاقتصادية، فمن جهة يزيد من حجم الحوالات الخارجية إلى الداخل السوري، ومن جهة أخرى يخفف تناقص عدد السكان عن كاهل أسد جانباً من الضغوط والانتقادات الناجمة عن غياب الخدمات والمواد الأساسية".
التعليقات (2)