أشد ما تحتاجه المعارضة اليوم هي أكثرها مفقودية لديهم، وأكثر الأشياء مساهمة كمخرج من أزمات المعارضة المُقبلة على الارتطام بها، هي ذاتها المنسية والمغيبة والمهمشة.
لم تعد الأمور تقاس كما كانت، فسوريا لابد لها من مشروع يُقيها من التقسيم، هذا إن كان لها من يرغب بالحفاظ عليها من شبح التقسيم، و لامناص لدولة لا مركزية إلا لمن يرغب باستمرار القتل والخطف و...الخ على الهوية.
قبل الثورة كانت المناطق الكوردية ترزح علانية تحت وطأة السياط الأمني، واليوم أضحت المناطق السنية الأكثر تدميراً وانتهاء لأبسط مقومات الحياة، وأن بقيت الأمور مركزية فليكتب أبناء تلك المناطق....كانت هنا مدينة باسم...
المشكلة التي تعاني منها الفدرالية، إنها ليست مشكلة سياسية ولا تنظيمية ولا عقائدية بين أطراف المعارضة، مشكلة الفدرالية أنها ينظر إليها كسكين كوردية تقطع أوصال سوريا، وكأن سوريا اليوم حكومة وشعباً وأرضاً تقع تحت سيطرة المعارضة حتى يفرضوا أو يمنعوا أو يشترطوا.
آن الأوان للنظر إلى موضوع الفدرالية كضامن لجميع مكونات سويا، وكسلاح حيوي ضد أي من يرغب النيل من غيره، لكن أولاً وقبل كل شيء، بات لموضوع الفدرالية أهمية الحوار والتنازل عن صد الأبواب في وجه المشروع الحامي لسوريا.
قبل فترة قصيرة عقدت جلسات وحوارات حول الفدرالية في سوريا، كانت حالة ونقلة نوعي لكنها غير كافية، ولن تفي بالغرض المطلوب، التغاضي عن الموضوع بحجة أن حزب الاتحاد الديمقراطي قد طرح الموضوع ويسعى إلى تطبيقه فوراً هي ذاتها العقلية التي توصد الباب عن توحد الفصائل المعارضة خاصة العسكرية ولجه الأحكام المسبقة، فمن جهة يُعتبر مشروع الاتحاد الديمقراطي مشروع مشكوك بوطنيته بحجة انه طرح دون مشورة الأطراف المعارضة ودون رأي الشعب السوري، وهي طامة كبرى، ببساطة ثمة نزاع ومواقف عدائية بين الائتلاف السوري والاتحاد الديمقراطي، وثمة خلافات عميقة ومتشظية بين الاتحاد الديمقراطي والمجلس الكوردي، ومن جهة أخرى المجلس الكوردي يطرح قضية الفدرالية ضمن أروقة الائتلاف، والائتلاف يرفض مناقشة المشروع، والاتحاد الديمقراطي يطرح مشروعه بشكل مباشر على أنصاره ومن يقفون إلى جانبه.
هنا تكون متاهات المعارضة وعجزهم عن قبول الاعتراف بفشل سياساتهم وإن كان لأسباب ذاتية وموضوعية, لكن لم يعد بالإمكان التغاضي عن الوجود الكوردي في المنطقة، وللحفاظ على سوريا من شبح التقسيم من جهة، ومن التفرد الكوردي الذي تخشاه المعارضة من جهة ثانية، أضحى لزاماً الخوض في غمار تجربة نقاشات الفدرالية, على أقل تقدير تتبين رغبات الأطراف، وتتوضح النوايا، وتنكشف الأمور الغامضة للطرفين، الائتلاف يصر أن يكون الاستفتاء على الفدرالية من نصيب كامل الشعب السوري، وهو ما يتعارض مع أبسط مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إذ كيف للأكثرية أن تفرض رؤاها على مشروع مقدم من قبل شعب مغاير لنوعية الشعب المسيطر, فمثلاً في كل من الكيبك، الباسك, اسكتلندا....الخ من يحق له المشاركة في الاستفتاء هم أبناء تلك المناطق فقط، أي أبناء الشعب الخاص، حامل المشروع الذي يجده معبراً عن آماله وتطلعاته المشروعة، وليس من المنطق أن تشارك اسبانيا كاملة في حق تقرير مصير إقليم الباسك. لذا بات لزاما توسيع دائرة المناقشة والحوار, على اقل تقدير حتى تكون الفدرالية مشروع وطني متوافق عليه، لا مشروع مفروض من دول عظمة.
ربما كانت المعارضة تخشى من تطور سيناريو الفدرالية في سوريا، في حال تطبيقها، كما هي الوضعية السياسية والجغرافية في العراق وعلاقته مع كورستان العراق، إلا أن المغيب عن تصورات المعارضة هي أن ما أوصل العراق إلى حالته هذه كانت تصرفات وإقصاءات وسياسات الحكومة العراقية بدءاً من إبراهيم الجعفري ومروراً بنوري المالكي ووصولاً إلى العبادي، هم من أنكروا الدستور، وظلموا الكورد وأقصوا السنة من الحكم والحق في العيش الكريم.
للحفاظ على سوريا من التقسيم، لابد من فتح الباب على مصراعيه لحوارات الفدرالية خاصة وأن المتعارف عليه بأن وزارات الدفاع والخارجية والموازنة و...الخ من الوزارات والقرارات السيادية والمصيري تكون في المركز وليس في يد الأقاليم فقط، أي تكون الأمور الخدمية والتنظيمية والمعيشية والسياسية الداخلية وما لف لفها من مهام الأقاليم، على الأغلب ما تعانيه الفدرالية هو نقص في مفهوم وشرح تطبيق الفدرالية بكل حقيقي داخل أروقة الائتلاف.
التعليقات (9)