المؤسف في الموضوع أن نسبة الكرد لدى سجلات النظام السوري تفوق النسبة التي حددها السيد ديمستورا، وهو ما يضع مستقبل القضية الكردية في سوريا ضمن حقل ألغام خاصة مع حالة الخصومات المرسومة للكرد الوقوع فيها مع مكونات المجتمع السوري سواء من قبل النظام أو من قبل روسيا.
المشكلة موجودة بالأساس نتيجة عدم حمل الكرد لوثائقهم التاريخية والجغرافية، وعدم الدفع باتجاه ما يساعد على توضيح رؤيتهم للحل في سوريا، على الأقل كرديا"، عدا عن عدم تبلور أي نتائج من اللقاءات التي كانت تجري مع دوائر القرار الدولي والتي كانت، توصف، بالإيجابية بل وجدا"، وبعد هذه الإيجابية خرج السيد ديمستورا بطرحه عن النسب. ولعل الحل يكمن في طرح مسودة مشروع حل لسوريا وفق رؤية المجلس الكردي، على أن يكون مرفقاً بمسودة دستور يشرح كيفية وآلية تطبيق مشروعه، وهو المحتاج إلى توافق وطني وشعبي ومجتمعي عليه، لكن على قاعدة الحقوق القومية والمشروعة لجميع مكونات سوريا، خاصة لجهة الاستفتاء أن حصل والمناطق المشمولة بالاستفتاء على طرح المجلس الكردي.
خاصة في ظل عدم اتفاق مكونات سوريا حول مشروع الإدارة الذاتية، ثم مشروع الفدرالية، مع عدم وضوح رؤاها حتى بعد الشروحات التي صدرت بصدد المشروع الفدرالي المطروح، تزامناً مع وصف أغلب أطر المعارضة السورية هذه المشاريع على أنها لا تخدم الثورة السورة ولا تخدم المستقبل المشترك لمكونات المنطقة، وهذه بحد ذاتها مشكلة كبيرة تتمثل في منحنيين: الأول أنه حقيقة أي طرح ما لم يكن ذا توافق مجتمع عليه سيكون دون قاعدة ثابتة، والثاني يتمثل بعدم قبول الأخر للطرح الكردي وهو ما يمثل نقطة مفصلية لجهة دور ممثلي الكرد من جهة، والرفض الحتمي من جهة ثانية، وعدم أتفاق الأطراف حتى هذه اللحظة على ورقة عمل مشتركة.
يعيش الشارع الكردي اليوم حيرة كبيرة، فهو رفض الحوار مع النظام السوري كرامة لشهداء سوريا في بداية الثورة، وهذا الرفض كان عبر أولاً :المتظاهر الكردي الذي فضل الشارع والمظاهرة على الحوار مع النظام، وثانياً: قسم من الأحزاب الكردية التي شكلت في فترة لاحقة المجلس الكردي، وثالثها الأطراف التي بقيت خارج أطار المجلس ولم توضح الموقف من دعوة النظام.
الشارع الكردي المتشبث على الأقل المؤيدين للمجلس الكردي بالتحالف مع المعارضة السورية، والمكتوين بنار الاتهامات التي تطال حزب الاتحاد الديمقراطي، وخائب الأمل بعد تصريحات المبعوث الأممي الذي تحول إلى مدقق لدائرة النفوس السوري، وفق بعض التعبيرات، محتار في مستقبله، ويعيش أسوء لحظاته، فهو من جهة متهم بالانفصال والسعي نحو إقامة كيانات خاصة، ومن جهة أخرى يرى أنه لا يملك سوى الأحلام حتى هذه اللحظة.
بات الأمل الكردي يتقلص رويدا" رويدا"، لدرجة أن بعض الأطراف الكردية استغلت وانتهزت فرصة التصريح المخيب لآمال الكورد للبدء بالترويج أن لا ممثلين للكرد ضمن المعارضة ولا ضمن مفاوضات جنيف، بل امتدت حالة الاستغلال لدرجة وصف التصريح على أنه أشارة لضرورة تواجد تلك الفئات والشرائح الكوردية ضمن المفاوضات، في لوحة سوداء تعبر عن نهش الكردي للحم أخيه فور حصوله على الفرصة.
ربما كان تصريح السيد ديمستورا دليل آخر على بؤس الواقع المعرفي والثقافي والسياسي الكوردي تجاه الداخل الكردي، وتجاه العمق السوري وتجاه علاقاته الدولية.
لنعلنها بشجاعة، وفق هذه الصورة النمطية للواقع الكردي المذري، ليس للمكون العربي في سوريا أي ذنب أو دور في مالات الكورد ضمن الثورة السورية على أقل تقدير ضمن التكهنات والمستجدات والتصريحات الغير منسجمة أو غير متوافقة مع تطلعات الشعب الكردي، ولم يعد لهم أي مسؤولية في حالة الحطام السياسي المفتوح التي وصل الكورد إليها، وأن كنا فرسانا" لنقلها علانية: نحن أخصائيو إضاعة الحقوق المشروعة.
التعليقات (3)