ولم يتمكن المجلس الوطني الكردي- ائتلاف يضم أحزاب وتنسيقيات شبابية وشخصيات كردية مستقلة- والذي تأسس نهاية العام 2011 بعد انطلاقة الثورة السورية بأشهر، من استلام زمام المبادرة،على الرغم من الخطوات المتخذة مؤخراً من تظاهرات ومواقف بالضد من قرارات الإدارة الذاتية، التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي بالتحالف مع قوى وشخصيات عربية ومسيحية بداية العام 2014.
فالمجلس الكردي ينضوي تحت الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وانتخب ثلاثة أعضاء للمشاركة بوفد المعارضة المفاوض، ضمن قائمة الائتلاف في مؤتمر جنيف 3 المزمع عقده بالخامس والعشرين من الشهر الجاري.
لكن حملة جمع مليون توقيع، طرحت تساؤلات عدة، منها:هل هي لإبراز المجلس كممثل شرعي للشعب الكردي بسوريا، أم لاحترام الخصوصية القومية لهذا الشعب، أم ستكون بمثابة استفتاء على مطالب الشعب الكردي بالفيديرالية؟
إلا أن المشكلة الحقيقية التي تعانيها الكتلة الكردية في المعارضة السورية، هي الخلط بين الجانبين القومي والوطني، خاصة في ظل وجود أطراف في المعارضة غير مؤمنة بحقوق الأقليات وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وحصر حقوقه بالمواطنة فقط من جهة، ومن جهة ثانية فإن الكتلة الكردية تعاني من مواقف حرجة جداً من توجهات ومشاريع الإدارة الذاتية، والتي تعتبرها المعارضة السورية مشاريع بالضد من إرادة الشعب السوري، وتصب بعكس مصلحة الثورة السورية كما يزعم الائتلاف السوري.
وفي سعيه لحل الخلافات البينية بين القوى الكردية، قدم رئيس إقليم كردستان العراق "مسعود بارزاني" ثلاث مبادرات للحل؛ إلا أن المجلس الكردي كان يتهم حزب الاتحاد الديمقراطي بعدم الالتزام بالاتفاق وتفرده بالسلطة، لذا بات من الصعب الحديث عن إتفاق بمعزل عن التوافق الدولي، وهو ما يتطلب وجود الإرادة السياسية والحازمة، بما لا يقل عن مستوى الإرادة الحازمة التي سارعت الأطراف الدولية لنبذ خلافاتها حول الحل السياسي في سوريا.
المشكلة الأخرى التي وجد الكورد أنفسهم فيها كنتيجة للسياسات الكوردية المتبعة، أن أصبحوا شطرين أحدهم يتمتع بسمعة دولية طيبة ومحط اعتماد القوة الدولية في أي مؤتمر والمقصود هو المجلس الكوردي, لكنه لا يحكم جغرافياً -وبسبب سيطرة خصمه (ب ي د )- على أي مساحة، في مقابل سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي على مناطق من كوردستان سوريا بسبب فرض سيطرته بقوة السلاح وحروبه التي يخوضها ضد داعش بدعم دولي روسي وأمريكي، لكن لا يتمتع بأي صداقة أو علاقات دبلوماسية خارجية فعّالة بدليل دعوة جُلّ القوة المعارضة وحتى المؤيدة إلى مؤتمر جنيف باستثناء ممثلي الــ( ب ي د)، على الرغم من الرغبة الروسية بحضورهم إلا أن الضغط التركي وبموافقة أمريكيا أجهض كل محاولات الروس. ومن نتائج هذه المشكلة أن انشطر الكورد إلى مؤيد لمؤتمر جنيف بسبب دعوته، ومعارض للمؤتمر بسبب عدم دعوته، والحال كذلك فإن الكورد يدخلون المؤتمر بأجنحة متكسرة، ولن يكون بمقدور أي فصيل كوردي بمفرده أن يحل القضية الكوردية المعقدة في سوريا.
فأكراد سورية يشكلون نحّو 15 في المئة من التعداد السكاني العام، ويزيد عددهم عن مليونين ونصف مليون نسمة، ويتطلعون إلى نيل حقوقهم القومية أسوة بأبناء جلدتهم في العراق، الذين يحظون بحكم فيدرالي منذ تسعينيات القرن الماضي.
وبات السؤال الأبرز يكمن في ماهية المطاليب الكردية في جنيف 3، بيد أنما يثير اليأس يكمن في كون ممثلي الاكراد لا يحملون أوراق ضغط أو قوة أو مبادرة للحل،ويدخل أعضائه المفاوضات بسلة خاوية، وهم يعلمون جيداً أن الحل والربط يكمن في يد القوّة العظمى، فإن تقاطعت مصالح تلك القوّة مع مصالح أبناء الشعب الكردي، كان لهم ذا شأن، أما غير ذلك فعلى الأرجح سيتحسر الاكراد على كل لحظة وكل فرصة أضاعوها ضمن هذه الثورة.
يطرح المجلس الوطني الكردي نفسه كحامل اجتماعي وسياسي لمشروع قومي يطالب بالفيديرالية ضمن دولةاتحادية تعددية, وهو لا يملك بندقية واحدة في الداخل السوري.ويعول المجلس على المشروع القومي الذي طرحه الرئيس البارزاني المتقاطع مع الرغبة الدولية، وهو الطرح الذي يُعيد المجلس إلى المربع الأول للخلاف بين الكرد والمعارضة, حول طروحاتهم التي تصفها معظم أقطابهابـ "عابرة للحدود".
لكن العقدة الأبرز، هي في نوعية الوفد الممثل للمعارضة السورية إلى جنيف, وتعكس مصالح دول وجهات سياسية عدة، وتستبعد قوى ومصالح سياسية أخرى من الوفد، وهو ما دفع بموسكو للإصرار على توسيع الوفد المفاوض وتطعيمه بشخصيات من ضمنها شخصيات كردية تمثل حزب الاتحاد الديمقراطي ومجلس سورية الديمقراطية، المتشكل برعاية حزب الاتحاد، وهؤلاء بكل تأكيد سيعبرون عن سياسة أو رؤية روسيا للحل في سوريا، ومن ضمنها المقاطعات والإدارة الذاتية المرفوضة كلياً بشكلها الحالي من المجلس الكردي وشركائه في الائتلاف الوطني المعارض، لكن لا أمل في إضافة إي اسم في ذلك.
فتوحيد المواقف الكردية، وحل الخلافات البينية، والذهاب الى مؤتمر جنيف 3 باتفاق كردي- كردي موحد، بات أمراً ملحاً، وعلى جميع الأطراف حسم مواقفها وحل خلافاتها لصالح القضية الكردية بسوريا وتأمين حقوقه القومية.
التعليقات (14)